إن للاعب الأدوار ذكاءَه، ولكنه لا يدرك حقيقة هذا الذكاء؛ لانصباب عقيدته إلى كل
طريقة توصله لخري النتائج وإلى كل أمر يدفع بالناس إلى وضع ثقتهم به.
ًغد ٍ ا سيعتنق هذا الرجل عقيدة جديدة، وبعد غد َّ سيستبدل بها أجد منها، ففكرته
تشبه الشعب تذبذبً ً ا وتوقدا وتقلبًا.
إن ممثل الشعب يرى بالتحطيم برهانه، وبإيقاد النار حجته، وبإراقة الدماء أفضل
حجة وأقوى دليل. إنه ليعتبر هباءً كل حقيقة لا تسمعها إلا الآذان المرهفة، فهو عبد الآلهة
الصاخبة في الحياة.
إن ميدان الجماهير يغص بالغوغاء المهرجين، والشعب يفاخر بعظماء رجاله فهم
أسياد الساعة في نظره، ولكن الساعة تتطلب السرعة من هؤلاء الأسياد، فهم يزاحمونك،
ً يا أخي، طالبني منك إعلان رفضك أو قبولك، والويل لك إذا وقفت حائرا بني «نعم» وبني
«لا».
وإذا كنت عاشقً ا للحقيقة فلا يغرنَّك أصحاب العقول الرعناء املتصلِّبة، وما كانت
ً الحقيقة لتستند يوما إلى ذراع أحد هؤلاء المتصلبين
دع المشاغبين وارجع إلى مقرك، فما ميدان الجماهير إلا معترك يهدد سلامتك
بخنوع «نعم» وتمرد «لا». إن تجمع المياه في الينابيع لا يتم إلا ببطء، وقد تمر أزمان قبل
ان تدرك المجاري ما استقر في أغوارها.
ً لا تقوم عظمة إلا بعيد ً ا عن ميدان الجماهير وبعيدا عن الأمجاد، وقد انتحى الأماكن
القصية عنها من أبدعوا السنن الجديدة في كل زمان.
هكذا تكلم زرادشت.. كتاب للكل ولا لأحد > اقتباسات من كتاب هكذا تكلم زرادشت.. كتاب للكل ولا لأحد > اقتباس
مشاركة من Toqa Sayed Galal
، من كتاب