مراجعة و تقييم رواية ( لعنة الخواجة ) ❤️.
===============
بداية و بدون مجاملة تقييمي للعمل: ⭐ ⭐ ⭐ ⭐ ⭐
و بترجمة تقييم العمل بقيمه رقمية فتقييمه 10/ 10
و ذلك التقييم الكامل قلما ما أقيم به عمل بعد الانتهاء من قراءته
خصوصا إنه عمل ضخم تتجاوز صفحاته الـ 650 صفحة.
لقد ترددت الفترة السابقة مرات عدة في كوني كيف سأكتب مراجعة عن رواية ( لعنة الخواجة ) بعد أن أتممت قراءتها منذ قرابة الشهر !؟
هل سأكتبها كمراجعة بسيطة بدون حرق و أكتفي بالتنويه عن نبذة بسيطة و مختصرة عن ما تدور حوله أحداثها و أشيد بها في نهاية الأمر كأي رواية أو عمل حاز علي إعجابي أم سأتكلم تفصيلا عن أحداثها و احرق محتواها كاملا للقارئ و في كلتا الحالتين سأجد نفسي منضما إلي كتيبة من ظلموا المهندس ( أدريان البيير دانينوس) و لم يوفوه حق قدره خصوصا بعد وفاته إلا من الكاتب ( وائل السمري ) و الذي كشف النقاب عن واحدة من أهم الشخصيات المؤثرة في تاريخ مصر الحديث.
لذلك قررت أن تكون المراجعة هي بين بين و أن أسير بحذر علي حدود مراجعة الرواية ما بين الحرق الذي لا يؤثر علي شغف القارئ و رغبته في قرائتها و النبذة المختصرة عن نقد و مراجعة العمل ككل لتعطي للآخرين فكرة عن إنطباعي الشخصي عنها.
الرواية تتناول حياة المهندس ( أدريان البيير دانينوس) اليوناني الحامل لجواز سفر مصري و لعنته التي بدأت منذ ميلاده يوم الجمعة 1 إبريل 1887 ... و يا ليتنا تصيبنا نفس اللعنة بأن نكون مصريين مخلصين حقا أو في ربع مصريته و وطنيته .
بالمختصر المفيد المهندس الزراعي ( دانينوس ) هو صاحب فكرة بناء السد العالي و الذي وضع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حجر أساس بناءه في التاسع من يناير 1960 و أزيدك من الشعر بيتا بأنه هو من أدخل صناعة اللبن المبستر في مصر كما أدخل زراعة الكتان الفرنسي الفاخر للأراضي المصرية و غيرها من المشاريع التي لو علمتها لأدركت أن هناك بصمة لـ ( دانينوس ) حولنا علي كل شبر في أرض مصر .
تبدأ الأحداث بالصحفي ( ناصر ) و الذي تعرض لمؤامرة أفقدته وظيفته و دخل عالم تجارة الكتب و الوثائق القديمة كباب لكسب الرزق و ياله من عالم غريب ستلتقي فيه بشخصيات كـ ( عبد الحكيم ) و ( عبده ارشيف ) و هم تجار يقدرون بضاعتهم كما نقول بالشروة و قيمتها كاملة بمحتوياتها المادية دون معرفة قيمة محتواها الحقيقي و تتوالي الأحداث بوصول وثائق و جواز سفر و ملفات الخواجة ( دانينوس ) للصحفي ( ناصر ) عن طريق أحد أولئك التجار ليدفع فيه كل ما يملك نظرا لمعرفته بقيمة محتواه و من هنا تبدأ الرحلة .
بداية سنجد أن التوازي الزمني الذي قام به كاتب الرواية جعل من العمل مزيجا ما بين آلة زمن تذهب و ترتد بك مرة أخري بين الماضي و الحاضر بمنتهي السلاسة و رمال متحركة ناعمة تقوم بسحبك لاسفل لتغوص أكثر في اعماق الرواية رغما عنك آملا في نهل المزيد من المعرفة لسيل جارف من المعلومات ستجعلك كقارئ مضطرا لأن تمسك بقلم و ورقة و تدون كل إسم شخصية تاريخيه و كل تاريخ تم ذكره في أحداث العمل ... لذلك اعتبر تلك الرواية بمثابة تحدي لإثبات كونك قارئا محترفا او متوسطا او عاديا .
مائة و خمسون عاما من تاريخ مصر الحديث تم صياغته بسرد سلس و حبكة محكمة الأركان متضمنه اهم الاحداث التي مرت علي أرض مصر مما جعلها مثالا يحتذي به في كتابه الرواية التاريخية الطابع .
لغة العمل عربية صحيحة و حتي الألفاظ العامية تم توظيفها بطريقة صحيحة كما ذكرت سلفا في منشور سابق .
لقد كان عندي فهم خاطئ و هو بالمناسبة مفهوم شائع بأن الخواجه هو الشخص الأجنبي عنا المتحدث بلغة مختلفة عن لغتنا و لكن تلك الرواية ضربت و بقوة في ذلك المفهوم لتوضح المعني الحقيقي للمصطلح فالخواجة طبقا لما ورد بها هو مصطلح لكلمة فارسية الأصل لمعاني عدة هي ( المتقدم في السن و الرئيس و العزيز و المعَظم و الغني و الحاكم ) و كلها أوصاف تنطبق علي المهندس ( أدريان البيير دانينوس ).
( أدريان البيير دانينوس ) هو واحد من آلاف ممن ظلمهـ.م التاريخ و تم إسقاطهم سهوا أو عمدا من بين طيات صفحاته و لكنك عندما تقرأ ما فعله ذلك المهندس المجـ.نون الطيب طوال حياته من أجل مصر تتمني أن تكون و لو بمقدار عُشر حماسه و وطنيته فليس كل من حمل الجنسية المصرية مصريا خالصا و ليس كل من تشدق بالشعارات الرنانه وطنيا يحب و يقدس تراب مصر فمصر ليست فعلا مجرد دولة و بنايات و آثار عريقة د بل هي كيان حضاري حي يتنفس يتأثر و يؤثر .
و في نهاية الأمر أتقدم بجزيل الشكر للـكاتب الصحفي ( وائل السمري ) علي بذله أقصي ما يمكنه من جهد و وقت و مال و أنه لم يكتف بتقديم مجرد كتاب تاريخي ليؤرخ حياة بطل الظل المصري الخالص ( دانينوس ) و لا مجرد دراما روائية تاريخية بل سعي لغزل نسيج متجانس بين الاثنين لتخرج تلك التحفة الروائية التاريخية للنور باروع ما يكون لدرجة اني متفق مع القارئ الغالي محمود عزت بإنها اروع ما تم إصداره في 2024 و أنه فعلا عمل تتوارثه الأجيال لينطبق عليه و بجدارة كما يقول المتنبي :
إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ
فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغير. كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ