نحنُ في غزّة نعيشُ في سجنٍ كبير، مُحاصَرون من إخوتنا العرب قبل أنْ يُحاصرنا الكيان الغاصب. هذه الحكاية البائسة ليس فيها أيّ فائدةٍ كبيرة، لو كان لي أبناء أو أحفاد لكتبتُها من أجلهم، ولكنّني مقطوع من شجرة، وأنا اليوم جذعٌ يابسٌ مَرميّ على الطّرقات.
الرعب: حكاية الحرب في غزة 2023 - 2024
نبذة عن الرواية
رواية "الرُّعْب" تأخذُك في رحلةٍ مؤثِّرةٍ إلى قلب الحربِ في غزةَ التي بدأَت في السابع من أُكتُوبَر ألفين وثلاثةٍ وعشرين (2023م). تتناول الروايةُ الأبعادَ الإنسانيةَ والاجتماعيةَ للصراع، مُسلِّطةً الضوءَ على معاناةِ المرأةِ الغَزِّيَّةِ، وصمودِ أهلِ غزةَ أمام آلةِ القتلِ والتهجير. يتقاسم بطولةَ الروايةِ الممرِّضُ فَرَجْ أبو العُوف، الذي يَسعَى لإنقاذ الجرحى، والصحفيةُ سلام، التي تنقلُ الفظائعَ إلى العالَم. "الرعب" تُكتَبُ بحروفٍ من دم، وتُبرِزُ الفارقَ بين صاحبِ الأرضِ وسارقِها، بين مَن يزرعُ الوردَ ومَن يزرعُ الشَّوك. اكتشِفْ هذه القصةَ المؤثِّرةَ التي تروي معاناةَ شعبِ غزةَ وصمودَهم.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2024
- 416 صفحة
- [ردمك 13] 9786256897069
- دار الغوثاني للدراسات القرآنية
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية الرعب: حكاية الحرب في غزة 2023 - 2024
مشاركة من Rudina K Yasin
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Rudina K Yasin
تمت القراءة شهر ٨/2024
رقم واحد وتسعون / 2024
ألرعب – حكاية الحرب على غزة
أيمن العتوم
قراءة الكترونية
لاشيء يمكن أن يمنحك الصبر على الألم غير الوعد، الوعد بأن في الجنة غزةً أخرى، لكنها غير محاصرة، إنها غير محدودة الجهات، لا معابر تخنفها، ولا أسلاك شائكة تحوطها، ولا مدرعات توجه بنادقها لكل من يفكر بأن يجتاز الحدود من أجل أن يقطف وردة الوعد، بأن أشجاراً كثيرة في غزة الجنة تعوض كل هذا الحرمان من الضلال، الحرمان من لقمة الخبز . ألم يقولوا :الخبز كثيرٌ في الجنه ؟
غزة الجميلة وما ادرانا ما غزة في زمن الحرب غزة وزمن الحصار غزة وزمن القتل غزة تلك البقعة الصغيرة ا التي لا تتعدى 365 k ذات الكثافة السكانية الاعلى دوليا بالنسبة لمساحتها عانت من الحرب ووالجيش والحصار ودفع البحر والحجارة فيها ثمنا كبيرا المدينة الحزينة التي أصبح اسمها يحمل من الوجع أكثر بكثير مما يحمل من الجمال،، فصرنا نختزل كل المرارة والألم حين نختزل اسمها ونناديها تجاوزاً "القطاع". غزة بظلامها وحصارها من العدو المحتل، غزة بحروبها وشهدائها وجرحاها حيث يتطرق أيمن هنا إلى الموت والشهادة والحزن والفرح. قطاع غزة حيث الخروج من الموت الى الموت ذاته لكن استغرب عموم الموت وشموله في هذه الرواية فمن المفروض انها تتحدث عن احد حروب غزة لاجدها تتحدث عن الموت في كافة ارجاء فلسطين كما استغرب هنا تكرار الموت ومقدرة الكاتب على صنع رمزية الموت هو الموت والشهادة، وهو موضوع يغري بالعويل والبكاء والندب والفرح والمسرحيات الكاذبة ، لكن الكاتب ابتعد عن هذا ليعيش معنى حالة فلسطينية جديدة ضمن سرديته حالة محاصرة تعاني من ويلات الحروب والحصار ونقص الكهرباء حالة لها بحر جميل محاصر وحزين علينا ان لا نستغرب من هذا فالبحر ايضا شهيد والبيت شهيد والأرض شهيدة فهل تحدث أيمن عن الشهادة والموت في القطاع ليعطينا تجربة فلسطينية جديدة من تجارب الموت والحياة كما تحدث قبله د. عاطف في رواية وقت مستقطع.
وقت مستقطع + الرعب : لا يوجد أي مجال لمقارنة رواية الدكتور عاطف ابو سيف برواية ايمن العتوم حيث الاول عاش الحدث وكان معرضا لمدة 85 يوما للموت فية لحظة لكن الثاني ناقل وقت مستقطع كتبت من عمق الدم النازف بين ركام المباني لم يحاول الكاتب ان يتخيل او يعطي مجالا للراوي لخلق حبكة معينة في حين ان الدكتور ايمن وان تحدث عن احداث حقيقية لكنه تعامل ككاتب ودمج بعضا من خيال الروايتين كان لهما من اسمهما نصيب فنحن نعيش ابادة جماعية لشعب اعزل اراد ذات يوم ان يحلم فاختاروا له الموت
ملخص الرواية :
الحربِ في غزةَ التي بدأَت في السابع من أُكتُوبَر ألفين وثلاثةٍ وعشرين (2023م). تتناول الروايةُ الأبعادَ الإنسانيةَ والاجتماعيةَ للصراع، مُسلِّطةً الضوءَ على معاناةِ المرأةِ الغَزِّيَّةِ، وصمودِ أهلِ غزةَ أمام آلةِ القتلِ والتهجير
الرّواية تَكتبُ بحروفٍ من دمٍ، لأنّها تتحدّث عن الدّم الّذي يُراق بلا حساب ولا محاسبة، وتختار قلمَ العزّة والكرامة في مواجهة الإذلال والإهانة، وتحاول أنْ تُبيّن الفارق بين صاحب الأرض وبين سارقها، بينَ مَنْ يرزع الورد ومَنْ يزرع الشّوك، بينَ مَنْ يسمح للعصافير بأنْ تُغنّي وبين مَنْ يحبسُها.
يتقاسم بطولة الرّواية الممرّض (فرج أبو العُوف) رئيس قسم التمريض في مستشفى الشفاء الّذي فقد زوجته وعائلته حرب سابقة 2019 فاعتزل العالم وعاش على انقاض بيته المدمر لمدة اربع سنوات لا يخرج الا يوم واحد فقط ليشتري طعام الشهر له وللقطة جودي مع الحديث عن زوجته الشهيدة رجاء التي ساعدته للعودة الى عمله في الحرب الاخيرة فهو يتنقّل بين معظم مستشفيات غزّة يُداوي الجرحى ويحاول إنقاذهم ويمسح على أحزانهم، و(سلام) الصّحفيّة الّتي تنقل ما تشاهده من فظائع وترافق (فرج) في مسيرته الطّويلة تتزوج بفرج ونحمل طفله الى محرقة الخيام حيث اصيبت بحروق خطيرة . . تفاجئ فرج بالحرب وهي ليست اي حرب كما تفاجئ الجميع، و عادته صورة زوجه رجاء تحثّه على الخروج من تلك العزلة و العودة إلى مهنته ( التمريض) ليقوم بواجبه في أجواء عزَّ فيها المواسي و الطبيب، وهذا ما كان.
عاد فرج إلى التمريض ليرى ما لا يمكن وصفه من مشاهد وأحداث كارثية فاجعة، واتخذ قرارا بأن يكتب بعض ما يرى كي ينقله لقارئ ربما أتى بعد سنوات طويلة فقرأ و وعى و قام بفعل يكافئ تلك المآس نعم اللهم فرج عن أولئك الذين عاشوا الرعب وحدهم بعد أن خذلتهم الأمة، وجعل لهم طريقا للأمان يبساً يعبرونه بعد أن أحال فرعون حياتهم إلى جحيم و قهر و رعب.
وصف فرج وكتب ، ممسكا بقوة بقلمه مثل ادواته الطبية وكأنه يخاف ان توقف قليلا ان تختفي افكاره كما يختفي اجساد الشهداء او ينتهي به العمر في بشاعة الموت الموجود فكتب وكتب وشرح بعضا من عمق المأساة فرسم تفاصيل واقع يتخطى الخيال فحكى لنا تفاصيل الابادة العرقية القتل بابشع صوره لا ادري لماذا وصلت لنا ادق تفاصيل المجازر واضحة بكل ما تحملها من خوف وجزع وألم وهلع ورجاء وسخطوكأننا اذا مددنا يدنا نستطيع ان نزيل الركام ونساعد الجرحى ونحمل الشهداء معهمهذه الرواية استجلاء للحقيقة وكشف للزيف لما يجري في غزة والحديث عن حجم المعاناة وان اضاف اليها خيال كاتب لكنه افاض في الحديث عن الخوف والوجع والجوع والموت والفقد كما تحدث د. عاطف بعمق اكبر في وقت مستقطع .
من سيسرد كل الحكايا حكايا البيوت ، الشوارع، الذكريات ، الشهداء ، الجرحى ، النازحون، الالم ، الوجع كل الحكايا التي رأيناها بأم أعيينا وسمعناها من كل من كان حولنا، برغم البعد لكننا شاهدنا وعشنا لا الوجع واحد لا يمكن تقسيمه .
من سيسرد كيف مرغت هذه الحرب اجساد الشهداء والجرحى والنازحون التي انهكها ما مر عليها من أهوال ما كنا نتخيل أننا ذات يوم سوف نعيشها، من سيسرد كيف نجى الناجي من الموت ليعيش موتا اعمق فالموت وغزة اصبحوا اصدقاء وهو يفغر فاه ليبتلع كل الاحلام ، سوف يسرد كل شيء.. الوجوه التي خطفها الخطب، العيون الغائرة، البطون الضامرة، الامعاء الخاوية، سنسرد كيف كنا نواجه الموت الذي كان يرافقنا وكأنه ظلنا الذي لا يعز عليه مفارقتنا.
فغزة - كما قال الكاتب - قصص لو كان مدادها ماء البحر، ودفاترها أوراق الشجر لما انتهت، كل سطر إذا قلناه خبأ خلفه - لا أقول آلاف السطور - بل ملحمة من البطولة والألم والفقد، ، وهذه حكاية من الاف الحكايا التي دفنت وفقدت مع موت اصحابها، وإنها غيض من فيض، ففينا ما زالت هناك الاف الحكايا التي سيرويها من عاشوها وعانوها.
-
محمد صالح
عزيزي القارئ؛
مرحباً بك في رواية الموت؛
تخيل أن تقرأ والجثث محيطة بك من كل جانب، منها ما يحظى بالدفن، وكثير منها تنهشها الكلاب والقطط والطيور الجارحة، كيف لك أن تقرأ والجميع يصرخ من الجوع والألم، الكل في فرار من الموت إلى الموت، من الجحيم إلى الجحيم،
الأجساد التي بها رمق حياة في كل صفحة تنزح من نزوح إلى نزوح، وتنكمش يوماً بعد آخر إلى أن أصبحت جلداً على عظم،
الجثث تتساقط على امتداد الرواية بقنابل وصواريخ ورصاصات المعتدي الأثيم "جيش صهيون المارق"
إنه تجسيد وغوص في أعماق حرب غزة تدوين لحاضر لن يصدقه من سيقرأه بعد أن تولي الحرب أدبارها وتعود الحياة، ربما يتهمونك يا "العتوم" بأنك ساحر أو مجنون،
أترككم مع بعض الاقتباسات من الرواية
❞ أخذَ شبح الموتِ يضحك دخل عبر النّوافذ نظرَ في عيون النّاس كلّهم خلفَ الجدران كانتْ لديه قدرةٌ كبيرةٌ على النّفاذ إلى الأعماق، اصطفى أحبابَه، أخذَ يأكلُهم واحِدًا واحِدًا، في البداية راحَ ينهشُ أجسادَهم الطّريّة الضّعيفة ببطء، لكنّهم لَمّا تكاثروا راحَ يزدردهم ازدِرادًا، ويُسرِع في ذلك حتّى لا يتركَ مِمّا انتقى أحدًا، لكنّهم غالَبوه، وأصبحوا يملؤون كلّ شبرٍ في البهو، فراحَ يغصّ بهم، ولم يتوقّف عن التِهامهم، كان يبدو أنّه كلّما ابتلع عددًا كبيرًا منهم ازدادتْ شراهته ونَهَمُه على مَنْ ستُبقي أيّها الموت بعد أنْ نهشْتَ ما نهشت، هتفَ وعيناه تنفجران من الأجساد المحشوّة في فمه والّتي ينتفخ بسببها خدّاه وتظهر ❝
❞ يا إلهي كيفَ تُغيّر الحروب وجوه المُدُن. إنّها تصبغها بالرّماد، تُمشّطُ شَعرَها بالحديد فينثعب الدّم في كلّ اتّجاه، تقلعُ عينَيها، وتخلعُ رقبتها، وتجعل كلّ جارحةٍ منها في جِهة. ❝
❞ شيءٌ ما بعدَ ثلاثةِ أيّامٍ من القصف المُتواصل زَرَعَ في يقين النّاس أنّ الموتَ لا يأتي إلّا بِقَدَر، ولا يُصيبُ سهمُه إلّا بِأَجل، ولذلك كانوا ينتظرون أنْ يُمسِكَ بأيديهم فيعبرَ بهم إلى حيثُ يريد، هذا الفريق من النّاس الّذي يُمسِكُ الموت فيأخذ بيده كانَ حُلُمَ الكثيرين هنا، إنّه بوّابة العبور إلى الرّاحة الأبديّة والتّخلّص من كلّ هذا الواقع القاتل، والعالَم الظّالِم. غير أنّه لم يكنْ ليتحقّق بسهولة؛ ❝
❞ على الأجساد خُطُوطٌ من الجراح، مَن يراها يظنّ أنّ أنهارًا من الدّم أرادتْ أنْ تسقيَ هذا الجسد، وما الجسد إلّا صحراء عطشى إلى هذا النّوع من الماء. إنّ المشهد ليسَ بهذه البشاعة؛ حتّى لو كنّا نرى أيادِيَ مبتورة، وعيونًا مفقوءة، وسيقانًا مكسورة، وعِظامًا مُتهتّكة. هل كان ذلك اعتِيادًا؟! ❝
❞ الجنون هو الوجه الأبشع للحرب. ❝
❞ أمعقولٌ أنْ يكون هناكَ تحتَ الأرض مَنْ يسمعنا نحنُ الّذين مِن فوقها كما يسمعُ الميّتُ في القبر أحبابَه من فوقه؟! كيفَ يكون شكل الموت الّذي جاءهم، أو الّذي يُناورهم الآن ليقبضَ ما سال مِنْ أرواحهم؟! كيفَ ينظرون إليه؟! كيفَ يُقارِنون بين حياتنا الّتي تبدو غايةً في الرّفاهيّة أمام موتِهم البطيء؟! ❝
❞ إنّ أعظمَ مآسي الموت أنّه لا يُعيد مَنْ تُحبّ إليك ولو للحظات من أجل أنْ تقول لحبيبك: أنا آسف، ❝
❞ لن تستطيع الشّعور بقيمة الأشياء مثلما تشعر بها في الحرب، ولنْ تقدّر النِّعَم مثلما تُلجِئك الحرب إلى تقديرها! ❝
❞ قتلتِ الحرب الأحلام كلّها، ووأدت الطّفولة، وذبحت الأماني، وقضتْ على لثغة الصّغار، وخنقت البلابل، وأزهقتْ أرواح الزّهور، وداستْ على كلّ أوجاعنا، ولم تشبع، ولن تشبع. ❝
❞ في غزّة يكون الموتُ أرحمَ من الحياة، يكون الذّهاب إلى الضّفّة الأخرى أرحمَ بكثيرٍ من البقاء على هذه الضّفّة الرّماديّة المُحايدة الّتي لا يعرفُ المرء فيها أهو هنا أم هو هناك؟! ❝
❞ لا شيءَ يُمكن أنْ يمنحك الصّبر على الألم غيرُ الوعد؛ الوعد بأنّ في الجنة غزّة أخرى لكنّها غير مُحاصرة، إنّها غير محدودة الجهات، لا معابر تخنقها ولا أسلاك شائكة تَحُوطها، ❝
❞ ليسَ لدينا رفاهية الوقت من أجل أنْ نبكي. نحنُ لدينا بِحارٌ مُؤجّلة من البكاء. ليس لدينا رفاهيّة الوقت لِنقُصّ كلّ ما حدث لنا، نحنُ لدينا حكاياتٌ لو تُلِيَتْ من اليوم حتّى قِيام السّاعة لَمَا انتهَينا منها. ❝
❞صار لون الدّم لونَ كلّ شيءٍ، حتّى الماء الّذي نشربه صار قانِيًا، اللُّقمة الّتي نأكلها مغموسةٌ بالدّم، كلّما هممتُ بشرب الماء احمرّ، وكلّما هممتُ برفع لقمة الخبز سالَ من تحتِ أصابِعي منها دم، وكلّما نِمت شعرتُ أنْ ثيابي كلّها دِماء، وأنّني أسبح في بركةٍ من الوجع، وكلّما انفثأ من شَغافِ قلبي صوتٌ صار الصّوت له لونٌ مثل لون الجراح الّتي يتفجّر منها الدّم والألم، أينَ نهربُ إذًا؟! ❝
❞ أخذَ شبح الموتِ يضحك دخل عبر النّوافذ نظرَ في عيون النّاس كلّهم خلفَ الجدران كانتْ لديه قدرةٌ كبيرةٌ على النّفاذ إلى الأعماق، اصطفى أحبابَه، أخذَ يأكلُهم واحِدًا واحِدًا، في البداية راحَ ينهشُ أجسادَهم الطّريّة الضّعيفة ببطء، لكنّهم لَمّا تكاثروا راحَ يزدردهم ازدِرادًا، ويُسرِع في ذلك حتّى لا يتركَ مِمّا انتقى أحدًا، لكنّهم غالَبوه، وأصبحوا يملؤون كلّ شبرٍ في البهو، فراحَ يغصّ بهم، ولم يتوقّف عن التِهامهم، كان يبدو أنّه كلّما ابتلع عددًا كبيرًا منهم ازدادتْ شراهته ونَهَمُه على مَنْ ستُبقي أيّها الموت بعد أنْ نهشْتَ ما نهشت، هتفَ وعيناه تنفجران من الأجساد المحشوّة في فمه والّتي ينتفخ بسببها خدّاه وتظهر ❝
❞ اشتقتُ للماء، لكلّ ما كان عاديًّا قبل الحرب، هل تُصدّقون أنّني اشتقتُ لصوتِ الماء في الشّطّافة أو لصوته في الدّوش أو لصوت الحنفيّة حتّى لو علاها الصدأ الأخضر. ❝
❞ كان الموتُ يقفُ واضِعًا كفّه تحتَ ذقنه ناظِرًا نظرة استخفاف ولا مُبالاةٍ ينتظر دورَه لازْدِرادِ وَجْبته، في غَزّة أنتَ بين خيارَين: أنْ تموتَ من القصف أو أنْ تموتَ من النّزف، لا أملَ في الحياة، إنّه موتٌ فحسب، وعليكَ أنْ تختارَ أحدَ الموتَين. ❝
❞ ما أصعبَ أنْ تُدفَن مجهولاً! أنْ تُحفَر لك الحُفرة الأخيرة، وتُلقى فيها، ولا تجد حولكَ أبًا يرثيك، أو أمًّا تبكيك، أو أختًا تنوحُ عليك. ما أقسى أنْ تُرمَى في تلك الحفرة الباردة المُظلِمة، ولا تحظى ضلوعكَ المُمزّقة بلمسةٍ أخيرةٍ من يدٍ حانية!! ❝
❞صار الأحياء يحسدون الشّهداء على رحيلهم المُبكّر ❝
❞ إنّ الموتَ واحد، ولكنّ الصُّور الّتي يأتي بها مُتعدّدة، إنّه يأتي بألفِ صورةٍ وصورة. قد تبدو صرخات الفقد واحدة، ولكنّها ليست كذلك أبدًا، إنّ كلّ صرخةٍ لها نشيجُها الّذي لا يُشبه نشيج أيّة صرخةٍ أخرى. ❝
❞ إنّ في عينَيك حُزن الغروب، الغروب الّذي تنطبعُ أشعّته الرخيّة على مرآة البحر أوانَ النّسائم العليلة، لكنّني أحبّ هذا الحُزنَ الّذي في عينَيك، أشعرُ أنّه ابنُ عَمّ الحُزن الّذي في عينَيّ. متى سنلتقي؟! ❝
❞ «أن نعيشَ حياتنا بأقلّ الخسائر. القُوّة النّفسيّة الّتي بداخلنا والّتي تجعل الحياة مُمكِنةً هيَ المُعوّل عليه، علينا أنْ ننظر إلى غدنا. ليسَ لنا من الماضي شيءٌ لقد ولّى بكلّ ما فيه، والرّجوع إليه موتٌ مُضاعف. وأمّا اليوم فنُناور الموتَ الّذي هو الوجه الآخر للحياة، لا لنؤجّل قَدَر الله ولكنْ لنرضى به. وأمّا الغد فلماذا نقلقُ عليه ما دام يجري بأمرٍ من السّماء لا أنا ولا أنتَ ولا أيّة قُوّة في الأرض تستطيع أنْ تُغيّر مساره قيدَ أنمُلة». ❝
❞ مَنْ لم تقتلْه طائرات الجيش الإسرائيليّ مباشرة قتلَتْه بأنْ جعلتْه يعيشُ مع ذكرى الرّاحلين، ويتحسّر على فَقْدِهم أمام ناظِرَيه دون أنْ يتمكّن من مُساعدتهم، نحن مقتولون على أيّة حال! ❝
❞ «فرج. أنا أموت. لم أعدْ قادِرًا على أنْ أحتمل المزيد، أنتَ ترى أنّ الدّيدان تملأ جسدي، وأنّه لم يعدْ أحدٌ من أهلي حَيًّا، وأنّ بيني وبين الموت خطوةً واحدة، ألا ترحمني وتتّخذها، انزع هذا المحلول الأبيض، واصبرْ عَلَيّ عشر دقائق، واقرأ على روحي شيئًا من سورة (يس)، ثُمّ لمّا تنقطعُ أنفاسي، كَفّنّي، وارمِني مثلَ البقيّة في قلبِ شاحنةٍ اعتادَتْ أنْ تأخذَ الجُثث المجهولة، واجعلْها تدفنني في أبعدِ مكانٍ، ❝
❞ يُمكن لكلّ واحدٍ في غزّة أنْ يُعدِّدَ النِّعَم الّتي يحظَى بها: لقد فقد ساقًا واحدة في حين أنّ صديقَ طفولته فقدَ ساقَيه كلتيهما، وصديقَهما الّذي كان متفوِّقًا في المدرسة لم يعدْ حَيًّا من الأساس لقد شربَ ماءَ مُلَوّثًا؛ إنّها نعمةٌ كبيرة لأنّه رأى مَنْ يشربُ ماء المجاري، ورأى من يشربُ من دمائه، وذلك الّذي لم يجدْ أيّ سائلٍ ولو كان من قاع مُستنقعٍ لِيَبُلّ ريقه لقد وجدَ خيمةً مُمزّقة ليأوي إليها من الرّيح، ما أعظمَها من نِعمة! لقد رأى مَنْ يصنعون مِن الأكفان أو جوالات الخَيْش خيمتهم، ورأى مَنْ ينامون في العراء، ورأى مَنْ كانتِ الحجارة المُتكوّمة فوقهم خيمتَهم ❝
❞ الألم رَحِمٌ بين الناس، والمأساة قُربَى بين أصحابها، كانت الخطوب تُباعِدُهم وهواء غزة المُلطَّخ بالدَّم والغاز والحرائق والدُّخان يُقرّبهم. كيفَ يحنّ الفرع إلى الأصل! كيف يحنو الغُصن على الجذع! لقد سقطتْ أوراقٌ كثيرةٌ عن الشّجرة، ولكنّها بقيتْ واقفة! ❝
❞ القصف عند العدوّ أسهل من شرب الماء. أحيانًا يقصف للتّسلية. قائدُ السّرب يشعر بالملل والرّتابة، ويريدُ أنْ يرى مشهدًا دراميًّا، هو لا يعدُّنا أكثر من ذلك. ❝
❞ قصص المُصابين هنا أكثرُ من أنْ تقولها آلافُ الكتب، لو بقيتُ مئة عامٍ طَوال النّهار واللّيل أحكيها لكم فلن تنتهي! ❝
❞ تضيقُ ثُمّ تُفرَج، يشتدّ إغلاقُها ثُمّ تنفتح، تكونُ الهموم الطّاحِنات ثُمّ يبعثُ الله المسرّات الجالِيات، تكونُ المحن مُقدّمة المِنَح، ويكون الألم طريق الأمل، وتكونُ المعاناة سبيل الغاية العَلِيّة، ويكونُ احتراق الزّيتِ من أجل أنْ يُضيء، ونكون نحنُ شعبَ غزّة وقودَ الحرّيّة الّتي سيعمّ نورُها الأكوان من مشارقها إلى مغاربها. ❝
-
يقين فروانة
فريق أبجد المبدع💗
مُمتنة جداً لتلبيتكم الطلب💗
ربنا يحفظكم و يجعله بميزان حسناتكم💗
ما تنسونا من دعواتكم 💗