اقتباسات من رواية وحوش بلا وطن

قلبه الذي لا يخفق إثارةً، لا يتوجَّسُ ترقُّبًا لاكتشاف مخبئه، بل خوفًا من الموت، ذعرًا من أنَّ، بعد بضع ثوانٍ، قد يتدحرج رأسه المقطوع، بضربة ماشيتي، على أرضيَّة الغرفة المظلمة.

أحزن كلما أحسست بهذه البندقية على ظهري، لأنني أتذكر في بداية الحرب حين رغبت بامتلاك البندقية كي أحمي نفسي. في ذلك الوقت، البندقية كانت ملكي وتذهب معي أينما ذهبت، أما الآن فهي محمولة على ظهري كالملكة وأنا كالخادم أفعل ما تأمرني به.

عندما أرى كل هذا، كل تلك القنابل القنابل، كل هذا القتل القتل، كل هذا الموت الموت، أفكِّر الآنَ ونحن في الغابة بأن النمل فقط هو الذي لا يزال يعيش ويفعل شيئًا. أتمنّى لو أنني نملة.

كلَّ شيءٍ سيصبحُ على ما يرام، في يومٍ ما، بطريقة ما، رغم أننا نخوض الحرب، وفي اليوم التالي نقتل ونقتل وننهب كلَّ شيء. كيف يمكنني أن أعرف ما يحدث لي؟ كيف لي أن أعرف؟

أتذكّر أمي وكم كانت حنونًا معي. حين كانت تعانقني لم أكن أريد سوى رؤية ذراعها الداكنة التي تضمني قريبًا إليها وتجعلني أدرك أن حياتي التي أعيشها جميلة

❞ «لفظتُ كلَّ أمل إنسانيّ في نفسي. وخنقتُ كلَّ شكل للبهجة، ووثبتُ وثبةَ حيوانٍ مفترس».

⁠‫رامبو | فصلٌ في الجحيم.

⁠‫«هذه الانتفاضة ستطلق الوحشَ الكامن فينا».

⁠‫من أغنية لـ (فيلا كوتي)، ومنها اُقتُبسَ عنوان العمل ❝

❞ إلى أولئك الذين عانَوا… ❝

كل شيء هنا يبدو ميتًا رغم أنه حيّ. العشب على جانبي الطريق، الأشجار وراء العشب، ذراعي أو ساقي، وجه ستريكا، رقبة رامبو –كلها تبدو ميتة وتجعلني أتساءل كيف يمكن لكل هذه الأشياء الميتة أن تكون حيّة.

تستوطن الأدغال وتشعر بسعادة كبيرة لأنها طوال الوقت تأكل ما تريد –تأكُلنا– وترى ما تريد أن تراه –القتل– لذا فهي تضحك فحسب ها! ها! ها!

لو لم تكنْ هناك حربٌ وكنّا أشخاصًا عاديين، لا جنودًا، لقلنا مبتهجين: ما أجملَ هذا الصباح. ما أجمله والشمس لم تطلع بعدُ من بين الغيوم

أخبرها أحيانًا بأنني لا أحكي لها الكثير لأنني أعرف أشياء من المروِّع قولها. رأيت أشياء فظيعة أكثر مما رآه ألف رجل، وقمت بأشياء فظيعة أكثر مما قام به ألفا رجل. وإن قلت هذه الأشياء فسأحزن كثيرًا وستحزن هي كثيرًا في هذه الحياة. أودّ أن أكون سعيدًا بكل ما أراه في هذه الحياة. أودّ أن أكون سعيدًا فحسب.

تطلب مني أن أتحدث وأتحدث وأتحدث، وتظن أنني لا أتحدث لأنني مثل الأطفال الصغار. إذا كانت تظن أنني طفل، فلن أتحدث لأن الأطفال لا يستطيعون ذلك. ولكن في كل مرة أجلس معها أتخيل نفسي رجلًا عجوزًا وهي فتاة صغيرة لأنني قاتلت في الحرب أما هي فلا تعرف ما هي الحرب.

أنظر إلى الشمس وأريد أن أمسكها وأعصرها بقوة بين يدي حتى تخرج منها آخر قطرة لونٍ إلى الأبد. بهذه الطريقة سيحلُّ الظلام في كل مكان، ولن يستطيع أحدٌ أن يرى شيئًا من الفظائع التي تحدث في هذا العالم.

إذا كان الوقت نهارًا، أجلس وأحدق في الشمس كما لو أنها الشيء الوحيد الذي يمكن رؤيته في هذا العالم. أراقب كيف تكون ساطعة أحيانًا، وكيف تكافح كثيرًا حتى تشرق في أحيان أخرى، وأريد أن أسألها لماذا تفكّر في الإشراق على هذا العالم. لو كنت أنا الشمس، لبحثت عن مكان آخر أشرقُ عليه، مكان لا يستخدم فيه الناس ضوئي كي يفعلوا أشياء فظيعة، فظيعة

يمكنك أن تكون في مكان ما ولديك خطة معينة ثم تجد أن العالم كله ينجرف من تحت قدميك. يمكن أن تكون سائرًا في طريق ثم تجد أنك تسبح في نهر. يمكن أن تبدأ يومك بجوٍّ جافٍّ ودافئ ثم تنهيه وملابسك صارت جلدًا آخرَ فوق جسمك. لا يوجد شيء مؤكد على الإطلاق، وكل شيء يتغيّر دومًا.

لستُ فتى شريرًا. لستُ فتى شريرًا. أنا جنديٌّ، والجندي لا يكون شريرًا عندما يقتل. أقول هذا لنفسي لأن على الجنود أن يقتلوا، ويقتلوا، ويقتلوا. لذلك إذا كنتُ أقتل، فأنا لا أفعل إلا الصواب.

أريد واحدةً ولكن ليس بتلك الطريقة التي نحصل بها على النساء في أرض المعركة.

تبدو الأرض كأن أحدًا ضغط عليها بإبهامه، لكنّه إبهام عملاق. في هذه الأماكن، ترى أحيانًا كل الأشياء تلمع بسبب الزجاج المكسور، وأحيانًا تشمّ الدخان المنبعث من الركام.