ثورة الفانيليا
رسائل من المطبخ
ل هبة الله أحمد
على صوت زخات المطر، تثور الفانيليا في حلة الأرز باللبن أثناء غليانهم في مطبخ هبة الله أحمد فتمسك بملعقة خشبية طويلة ترفعها عاليًا وتعلن من مطبخها بيان قيام: "ثورة الفانيليا".
تقرر الكاتبة أن ترسل لقراءها رسائل هامة من المطبخ العزيز لديها والذي تهديه هذه المجموعة قائلة أنه لا يملها أبدًا..
تقسم الكاتبة عملها لعدة أقسام: الرسائل لماذا؟-النوات-الكوارنتينا-فرويديات-متنوع-وأخيرًا جنس أدبي.. ضار..
تضع لنا الكاتبة في الخفاء صورًا وجملًا بليغة المعنى لا تظهر جهرًا ولكنها مثل ملح وفلفل وبهارات أي طبخة لا غنى للمرء عنهم، فنراها تقول:
"تدمع العين فنتهم البصل بالرغم من براءته بالدموع"
"فالنار تذهب ما التصق في القاع"قاع الحلة" وتستفزك لفك التصاقه به، شأن ما نمر به من خيبات نصر على فك التصاقها لتلطخ أصابعنا الدبقة"
فالكتابة لدينا "نحن معشر النساء بكاء موثق حينما يخوننا الحديث"-وهي أيضًا "محاولة لزرع قصب السكر لتخفيف مرارة الحرف"
والكاتبة تقف لتطبخ شيء ساخن له رائحة نفاذة "ليطمس الرائحة النفاذة للحنين".
حتى النمل يشاركها الجلوس إلى جوار الفرن طلبًا للدفء وانتظارًا للسينابون الشهي..
تتحدث الكاتبة عن الوحدة والحنين إلى غامض لا يتسلم الرسائل ولا يقرأها، عن خيباتها الاي ترتبها مع ثيابها في الخزانة، عن عمر الفتيات الذي ينقضي في الانتظار، حتى أنهن وكما تقول الكاتبة صرن:
"يثقن في عطايا الفرن الطازجة، ورائحة القرفة وحبات الحبهان، أكثر من ثقتهن فيمن همس لهن بكلمات الحب ووعود البقاء".
عن النساء العاملات والأمهات اللاتي:"يحملن أطفالهن وأزواجهن؛بل والحياة نفسها فوق رؤوسهن متنقلات بين الحافلات العامة والطرق المكتظة والأسواق …… بلا عطور ثمينة وعيون صاخبة إلا أنهن ذخيرة الحياة الحية".
إن أحببت أن أسترسل في وضع جمل أو فقرات للكاتبة فأظن أنني سأنقل لكم كل ما كتبته في عملها الثري بالمعاني وخفيف الظل ..
لغة الكاتبة سهلة وغنية بالمعاني الجميلة والتشبيهات.. هي لغة خاصة تتميز بها الكاتبة..
فنجدها تقول بحكمة الجدات:
"وقد يكون الجمال هو أن تكون..حمامة وشجرة وسنبلة في حقل فسيح.. تطير بخفة مغفرة".
وكما تدرس الكاتبة علم النفس فهي تضع لنا وصفات نفسية ونظريات بسيطة ملفتة للنظر بدون إطالة وتصف الأحاسيس بدقة..
مشاهد جعلتني أشاهد حلمها بمطعم للوجبات الساخنة المجانية وأتمنى لو أشاركها فيه بركن للكتب والثقافة، فأنا لست من هواة المطبخ نهائيًا، رغم استمتاعي بأطايب الطعام الذي طهته لنا الأديبة ..
أنسنت الكاتبة العنكبوت ينصحها بأن تكف عن جلد ذاتها، عيون بوتاجاز التي تغمز لها وتدعمها، يشكو لها الصنبور، حتى أنها تتضاحك مع الچيلي وتنعتها النملة ب "الهبلة"..
جلسات ورسائل مطبخية ووجبات غذائية ونفسية أصابتنا بالجوع بأنواعه..
ومع كل فقرة أو رسالة نستمع معها إلى أغنية من أغاني الراديو وليس الفلاشة أو ال سي دي وهذا نوع آخر من الحنين والثبات ..
بدأ الأمر بمطبخ ورسائل وانتهى إلى حكايات وحكايات لا نهاية لها تدور وتدور لتدهشنا..
لغة ومشاهد متتالية جعلتني أراها أمام عيني في صورة حكاية "هبة الله في مطبخ العجائب"
فتسكرني رائحة القرفة والفانيليا ويبكيني البصل..
أمنياتي بكل التوفيق هبة الغالية ..
#نو_ها