الرواية : مراسم الفِصح
الكاتب : كمال علي كمال
دار النشر : سما
مصمم الغلاف : أحمد خلف
التدقيق اللغوي : عبد القادر أمين
الإطلاع على سيرة الأعداء لا تقل أهمية عن سير العظماء فمن سيرة العظماء نستلهم منهم النجاح و معرفة كيف تغلبوا على الصعاب، أما من سيرة الأعداء نتعلم كيف كانوا يفكرون و يخططون من أجل تحقيق مخططاتهم و مواجهتنا و سعيهم للقضاء علينا أو عرقلة مسيرتنا و ما هي الطرق التى سلوكها في ذلك ؟
يبدأ الكاتب حديثه بمقدمة مهمة توضح الهدف من الحديث عن شخصية العمل :
" لا يدوم حال أمة على قوتها أبد الدهر بنظرة على التاريخ نجد أمم كثيرة قد اندثرت سيرتها و أمم غيرها قد اعتلت مكانتها هكذا سنة الحياة التغيير"
هكذا الحال مع الأمة الإسلامية و العربية التى تردى حالها و صاحب هذا التراجع في نفس الوقت علو شأن اليهود الذين اعتبروا ديانتهم هي جنسيتهم و قوميتهم فظرت كأمة دينية تفتخر بديانتها و تعتز بها أينما ذهبوا
و يؤكد الكاتب أن هذا العلو لم يأتِ مصادفة أو مساعدة قوى عظمى فقط و لكن بعد جهد و صبر و عمل متواصل و قبل كل ذلك إيمانهم الشديد بقضيتهم و سعيهم لتحقيق هدفهم
اختار الكاتب أهم شخصية شاركت في صنع هذا المجد و تأسيس وطن قومي لليهود على أنقاض دولة مغتصبة زوراً و بهتاناً غير عابئين بأي حقوق أو إنسانية فقد سلكوا كل الطرق الإجرامية في سبيل ذلك
إنه حاييم وايزمان أول رئيس لدولة إسرائيل و تلميذ " هرتزل" أبي الصهيونية
و بعد هذة المقدمة يعطي الكاتب الكلمة لحاييم وايزمان ليحدثنا عن حياته و رحلته منذ الطفولة حتى تحقيق حلمه.
كتاب " الانعتاق الذاتي " للكاتب اليهودي ليون بينسكر الذي أثر في حاييم منذ البداية :
" نحن بالفعل نعامل معاملة العبيد و لا حرية و لا انعتاق من ذلك سوى عن طريق الإيمان بالذات و اتخاذ الخطوات اللازمة لكي نستحق الحرية المنشودة"
أتعجب على شعب عان من الظلم و الإضطهاد عبر قرون كيف يرتضيه لغيره أضعاف ما لقيه من ظلم بل مارس أبشع أنواع الجرائم ضد الإنسانية حتى لم يسلم من تحت يده الحيوان
و مازال يمارس جرائمه على مرأى و مسمع الجميع
من أهم النقاط التى تحدثها عنها حاييم كانت فكرة إقامة وطن في أوغندا بديلا عن فلسطين و لكنه كافح من أجل إقناع قومه بأهمية فلسطين كعقيدة و ديانة و سعيه في التواصل مع السياسين البريطانيين و على رأسهم بلفور صاحب الوعد المشؤوم.
تحدث حاييم عن عشقه للكيمياء و تخصصه فيها بجانب حلم بناء وطن لقومه و استطاع التفوق في كل شئ لدرجة أنه أهمل فكرة الزواج حتى ذكره به والديه فتزوج و كان من شروطه اختيار زوجة تعينه على كل ذلك فهو أوقف حياته من أجل عقيدته و ديانته
من المواقف التى تأثرت بها : كان اللورد اللنبي قد دعى حاييم لتناول الغداء معه في القاهرة و قد شاهد حفلة رقص كبرى فحزن كثيرا لانه رأى يهود و يهوديات يشتركون في الحفلة و يراقصون العرب كأنما يهود مصر لم يتأثروا بما حدث ليهود فلسطين من قتل و تنكيل كأنهم جسد واحد يربطهم قلب واحد و العجيب أن هذا الموقف ينطبق تماماً عما يحدث الآن على الجانب الآخر و نتعجب كيف نرقص و نحتفل و إخواننا يقتلون هناك بكل الطرق
ملاحظات :
● كان من الأفضل أن يتحول العمل إلى سيرة ذاتية لحاييم وايزمان و الحديث بشكل كامل عن هذة الشخصية لأن الرواية غلب عليها هذا الطابع و خلت من أي حبكة و حوارات و اشتملت على بطل واحد هو المتحدث
● ظهر حاييم بالشخص المثالي المكافح الذي كان يضحى بشبابه و عمره في سبيل تحقيق حلمه و لم ظهر له عيوب أو جرائم قام بها لأنه المتحدث عن نفسه.
● كان من الممكن تدخل الراوي للحديث عن حاييم من وجهة نظر الآخر أو جعل حاييم يتحدث عن جرائمه أو الجرائم التى تستر عليها لأن القارئ من الممكن أن يتعاطف معه لما رأى من شخصية مثالية تستحق الاحترام
● الحديث عن مجهودات حاييم أظهرته كأنه الوحيد الذي كان يعمل بإخلاص و يسير الجميع وراءه و أعتقد أن اليهود ليست لديهم هذة المركزية بل الجميع يعمل من أجل هدف واحد و إن اختلفوا لكن أمرهم فيه شورى فشعرت أن حاييم لو رحل مبكراً لاختلفت الكفة.
● الفهرس لم يؤدي دوره حيث الأرقام لا ترمز لشئ خلاف لو كل فصل معنون كما هو العادة و الأفضل، كنت أتوقع أن الارقام تشير لتواريخ السنوات التى جرت فيها الأحداث
● تقمص الكاتب ببراعة شخصية حاييم مما جعلك تنغمس مع الشخصية لدرجة الإنبهار
أسلوب السرد و اللغة كانت جيدة مما يساعد على قراءة العمل بشكل متواصل لتنهيه سريعاً و تظل في حيرة هل ما هو واقعي و ما هو من وحي خيال الكاتب؟
● إسرائيل دولة قامت على أساس ديني و لكنها اهتمت بالعلم كأقوى سلاح فأنشأت قوة عسكرية و اقتصادية فلن يقاومها سوى دولة تعي أهمية عقيدتها و تنشغل بتربية جيل يعرف أهمية العلم و كذلك تهتم بقوتها العسكرية و الإقتصادية
● و أخيرا ماذا لو كان هتلر هو الفائز في هذة الحرب كيف كانت خريطة العرب و فلسطين و وضع اليهود؟
#قراءات_٢٤_٤
#ريفيو_على_أدى
#ماجد_شعير