اقتباسات من رواية أرق بين العلمين

أن السعادة لغة واحدة يفهمها الجميع مهما تعددت الألسنة واختلفت الوجوه،

أمي هل أنا مذنب بالأرق، أم أن الأرق لعنة من لعناتي؟ أرق لازمني طوال حياتي منذ تبخر دفؤك من فراشي، ونمى الأرق معي كلما كبر جسدي وفهم عقلي ورق قلبي في كل محطة من حياتي.

أمي هل أنا مذنب بالأرق، أم أن الأرق لعنة من لعناتي؟ أرق لازمني طوال حياتي منذ تبخر دفؤك من فراشي، ونمى الأرق معي كلما كبر جسدي وفهم عقلي ورق قلبي في كل محطة من حياتي.

والآن أنا جائع لأستريح من ذلك الأرق، أريد أن أغمض عينيَّ مرة أخيرة بدونه، لأجد نفسي في عالم آخر أستريح به طويلًا ودائمًا، راحة بلا انقطاع، عالم بلا حروب، بلا أحقاد، بلا عنصرية، بلا أرق!»

لقد جاء الرجل الأبيض في بلادنا، فأمات أممًا وأقوامًا، وشتتهم بسلاحه، واقتطع أراضيهم كالجراد، تاركًا لهم منها الفتات، لكنهم مع ذلك ظلوا صامدين يتمسكون بلباب أرضهم رغم الصعاب

لا يوجد حرب قذرة وأخرى نظيفة، الحرب هي الحرب.

- يبدو الأمر منطقيًا، ولكن قل لي يا (برنارد)، هل تعتقد أن ما نفعله في هذه البلاد إنساني؟ إن ما سنبذره من ألغام في هذه الأرض الشاسعة ستظل فيها ربما إلى الأبد تحصد الأرواح!

وهكذا، صار أعرج وكسيح ومجذوذ وحدهم، يحملون على عاتقهم عبء تطهير أرض طيبة من دنس الرجل الأبيض وآثامه ومخلفات أطماعه ونفسه غير السوية الساعية للسيادة والسيطرة المطلقة.

العلم عند العرب هو الجبل، فإنهم يقولون مثلًا «نارٌ على علم» أي نار فوق الجبل لا يخطئها الغرباء وترشد المسافرين ليلًا، وتلك المنطقة يحيطها جبلان؛ جبل الملح وجبل الطير، فأسموها العلمين لهذا السبب

كلاهما تائهان في دروب الحياة، والأم هي منبع متاهتيهما

«وهل لا يقع الظلم في مكان آخر؟!»

إن أفعالنا ما تحكم علينا وليس أصلنا ولا اسمنا؟! نحن من نحن يا صديقي. قد نولد بلون وشكل وعرق وأهل أو عمل ووظيفة، نرثهم دون أي ذنب منا، أو ربما تدفعنا الظروف دفعًا على غير إرادتنا لنفعل ما نكره.

لقد اشتريت تلك المدية وأسميتها مدية الشرف، فكنت أمسكها كل ليلة مقسمًا بكل الأيمان أن ألطخها بدم الشرف والثأر، وأعود شاهرًا إياها أمام أهلي وجيراني، وها أنت منعتني من ذلك!

- المصالح يا عزيزي لا تعرف ملة ولا دينًا.

- أصبحت رسميًا ابن مجنونة في مستشفى المجاذيب، وابن مجنون يتبرأ منه الجميع!

أشار إلى قلبه بثبات قائلًا:

‫ - الوطن هنا يا (چاراه)، وكذلك الدين والعائلة. أينما ذهبت فهو موطني. وطني حيث يحتاجني الناس وحيث أفيدهم وإن جهلوا.

- هذا هو القرآن. لا نسير إلا به، ولا نشقى إلا بدونه، ولا نهتدي إلا بتوجيهه، فهو كلام الله الصحيح الدائم، ومنهاج النفس التائهة.

الوطن حيث تشعر براحة قلبك مع من تحب، الوطن هو حيث تعرفك كل الأشياء وتتقبلك على ما أنت عليه مهما تغيرت الظروف. الوطن حيث تملك موطئ قدمك يا (چاراه) بحرية وأمان.

أنا (چاراه)، أنا أخوك، أنا الهجين مثلك، صرنا نحن الوحيدين في هذا العالم. صرنا يتيمي الأب والأم، واختطفت أمهاتنا من بين أحضاننا. صرنا أنا وأنت ما تبقى من العائلة يا (بنيامين).

كان يراه (چاراه) هجينًا مثله بلا أصل أو نسب رغم نبل أسلافه وأصالة عرقه، نادر الوجود يجتذب العيون والاهتمام أو الغيرة، مظلوم من الدنيا ومن فيها وما فيها، وحيدًا لا طاقة له بالحياة ولا أمل.