اقتباسات من رواية الدنيا اللي في بالي

أفكر في كوني سأستيقظ أفضل حالًا بلا شك. ربما يكون اليوم مثل سابقه، وربما يكون هو أيضًا اليوم المنشود الذي سيتغير فيه كل شيء.

‫ لولا هذه الفكرة لما رغب أحد في أن يستمر في الحياة يومًا آخر. أظن أن فقدانها، فقدان احتمالية أن يكون الغد هو اليوم المنشود، هو السبب في أن يكتئب المكتئبون وينتحر المنتحرون، وأنا لم أفقدها بعد، وأجاهد حتى لا أفقدها. عجيب ما يقنعك به عقلك لتتمسك بالحياة يومًا آخر، عجيب فعلًا.

أنا بتلخبط

‫ وما بتلخبطش

‫ أنا صاحب رقة

‫ وصاحب بطش

قد تبدو الهزيمة كلمة ثقيلة، لكنها حقيقية؛ فالحياة في النهاية مجموعة من المعارك الصغيرة: البحث عن عمل معركة، ورفضك في آخر خطوة قبل التعيين هو خسارة للمعركة، أما خسارتك لوظيفتك الحالية بالفعل فهي هزيمة أيضًا، لكنها هزيمة غدر، طعنة في ظهرك دون أن تقاتل

كتبت، فتأكدت أني لا أريد سوى أن أكتب، وأن يقرأ أحدهم ما كتبت فيبتسم، أو حتى يبكي، ويقول: «هذا أنا.»

وكما حُبِست أنا ولساني فجأة، تحررنا فجأة أيضًا دون مقدمات، لعلها استجابة دعاء في ساعة مباركة، ولحظة لطف من الله بي.

بعض التصرفات الجامحة وردود الأفعال غير المحسوبة تنتهي صلاحيتها برؤيتك الرقم ثلاثة في خانة العشرات، وسيكون شكلك سخيفًا متصابيًا إذا فعلتها كبيرًا.

من السهل أن تقول إن الوقت لا يتأخر أبدًا؛ لأنك في بدايته بالفعل.

أتمنى لو أستطيع تجاوز تصوراتي القديمة عن نفسي.

فالتجاوز يُمكِّنك من إنقاذ ما يمكن إنقاذه، يمنحك نعمة الرضا بالمتاح وصنع الأفضل منه، ستُقدِّر حياتك ووقتك في هذا العالم أفضل لو علمت أن هذه هي أفضل الحيوات المحتملة المتاحة لك.

كيف يمكنك تجاوز تصوراتك الخيالية عن نفسك، وتجاوز خططك القديمة التي تأخر الوقت بالفعل لتحقيقها؟

وتقول عليَّ كبير السن

‫ وأنا في قلبي ولد كتكوت

‫ وتشوفني ببكي وبنعي وائِن

‫ والدنيا لسه بنت بنوت

‫ إشمعنى قلبي ضناه الشيب؟

لا عجب أن الفقراء يدخلون الجنة أولًا؛ فقد قضوا حياتهم في البحث عن مقعد في أي قطار، ولم يجدوا مقعدهم في الدنيا.

هذا عصر الصورة. يمكنك أن تُدخِل الكاميرا في المعادلة، وستغيرها تمامًا

صدقني، تصبح تجربة الحياة أصعب مع شعورك بأنك متهم محتمل في كل وقت، حتى حق الغضب الطبيعي لأي إنسان تُحرَم منه لأنك تخشى أن تؤكد الاتهام.

أبكي فور الخروج من الغرفة، وأظل أيامًا ألوم نفسي على انعقاد لساني وعدم الرد بـ«وإنت مال أهلك؟» أقصى ما يمكنني عمله هو سبه في سري، طريقة عاجزة لرد الإهانة تليق بهشاشة الإنسان المعاصر، لا أملك سواها.

صدقني، تصبح تجربة الحياة أصعب مع شعورك بأنك متهم محتمل في كل وقت، حتى حق الغضب الطبيعي لأي إنسان تُحرَم منه لأنك تخشى أن تؤكد الاتهام.

أفكر في هذا بينما أصنع القهوة. أفكر في أن يومي يمكن وصفه بأنه يقع «بين مشروبين»، وأن جودة اليوم معتمدة نوعًا ما على استيراد البن في مصر ومشكلاته، وهو شيء شديد الهشاشة لأستند إليه لو أردت رأيي، لهذا عادة أطلب كل هداياي من الخارج «قهوة»، مع أن ثمة أشياء أكثر قيمة يمكن طلبها بالطبع، لكن في الحقيقة لا يمكنك المجازفة إذا تعلق الأمر ببداية يومك.

وددت لو أسألها: هل تراني ناجحة؟ هل هي راضية عني؟ هل كان هذا تصوُّرها عني بينما كانت تحملني في أحشائها؟ لكن لا أحد يحب أن يسمع من ابنته الثلاثينية هذه الأسئلة في ذكرى ميلادها بالطبع، ولا في أي يوم آخر. حتى هذه الأسئلة لها مرحلة معينة، تنتهي بانتهاء مرحلة المراهقة.

الكل يريد شبابك وحيويتك وقدرتك على التحمل التي تقل بمرور السن، والكل أيضًا يستفيد من سذاجتك وأحلامك الغضة التي تتحمل في سبيل تحقيقها كثيرًا من الهراء الذي لا تتحمله حين تكبر ويفوت أوانها وتدرك استحالتها.

الحقيقة المرة هي أنك أحيانًا تكون قد تأخرت بالفعل، ومعرفتك بهذا ليست من قبيل اليأس أو الإحباط، بل هي مفيدة لتتوقف عن مقاتلة طواحين الهواء، أو مطاردة الأوهام.