جنازة جديدة لعماد حمدي

…جذبنى الإسم وأنا أبحث عن ملاذ ممتع يصاحبنى لقرائتى الليلية وتسائلت عن ماهية الجنازة الجديدة وما للمرء حين يموت إلا جنازة واحدة ثم من هو عماد حمدى ؟! أهو الممثل المعروف فتحققت أننى فى قسم الروايات وليس السيرة الذاتية ثم إبتسمت يبدو أن صاحب سنوات النمش يحمل لى مفاجأة جديدة وبينما أقرأ بتلذذ ونهم حيث السرد العبقرى واللغة الفصحى الشاعرية حتى فوجئت به يقف أمامى بشاربه الضخم وتسريحة شعره المميزة فصحت ذاهلة عماد حمدى! فإبتسم مزهوا ثم إستيقظت ، نعم كان حلما فقد غفوت وأنا أقرأ ماذا بك عزيزى القارئ هل ظننت بى شيئا مختلفا ؟

…أما عن الرواية فهى تحفه فنية بديعة تناقش قضايا وتفتح الباب على خبايا إنسان يتأرجح عالمه بين الفن والجنون وبين عمله فى البوليس وصداقته لمسجل خطر أصبح مرشده وإستولى عليه ، عقيدة فرضت عليه كما فرض عليه العمل فى البوليس.

…. كم يخطئ أى أب يعتبر أن له حقا فى إمتلاك قرار مستقبل أبنائه أو أنهم خلقوا ليحققوا أحلامه الفاشلة ويصوبوا أخطاء لم يقترفوها وماأسوأ من هذا الخطأ هو وأد حريتهم على الإختيار بصنع قوالب جاهزة ليتحركوا فيها فيصبحوا مسوخ، مجرد نسخة منه ولكنها باهتة بلاروح .

….. عقل أم جنون أن يرى البطل فى المسجل الخطر بطولة حقيقية أم أن المسجل الخطر بطله وحده لأنه يستطيع كل مرة أن يحقق أهدافه وأمانيه وأن يملك من الإصرار وروح المخاطرة مايفتقده وهو كما هو محصور داخل أحلام والده بلاشغف أو رغبة أو قدرة على تحدي سلطته .

…. علاقة وطيدة بين ظابط ومرشد له سجل إجرامى حافل بدأت بمصافحة ثم جميل متبادل حتى أصبح ساعده الأيمن وملاذه لحل كل قضية وطريقته المثلى للتخلص من أى مشكله.

…. فى الملعب فريقان فريق البوليس وفريق المسجلين الخطر يتبارى الإثنان فى مباراة لانهائية لكل لاعب وظيفة ومهارات خاصة وحرفنة مختلفة فى تحقيق الأهداف والنتيجة متبادلة بين الفريقين إما الفوز أوالخسارة ، وبين فريق المسجلين الخطر نوع من اللعيبة عينيه على أماكن الفريق الأول ولكنها صعبة المنال فجاء المرشدون ليصبحوا عيونا للبوليس أو ربما سواعد وأرجل وأسلحة.

…. أحب هذا النوع من الروايات الذى يأخذ القارئ لعالم جديد غير مألوف ربما العناوين الأساسية معروفة ولكن التفاصيل ، الخبايا والأحداث تصل لبعد آخر لم نعهده .

…فى جنازة هوجان بن ناجح تقع أحداث ويتوافد إليها أشخاص يحمل كل منهم سمة وله مع هوجان حكاية ويحتمل أن يكون الجانى

…نص سردى ممتع كأنه مبارزة بين حديث البطل عن نفسه أو مخاطبة القارئ فى حكاية تلو الحكاية وكل حكاية هى وليمة متنوعة الأصناف والأشكال وحكاء ماهر يخرج من جعبته الكلمات منمقة عالية الأثر زاخرة بالتشبيهات ،الاستعارات والكنايات.

لاتحتاج أن تقرأ الكثير من الفقرات لتستنتج أنك فى حضور ساحر يتقن غواية الكتابة وأنك لا تملك سوى أن تنتشى كلما إسترسل فى الحكى .

…صدمتنى النهاية لم تأت كما توقعت ولم تناسب فى رأيى عظم ماكابده البطل فى تردده الذهاب من عدمه طول الرواية إعتقدت أنه ماإن يدخل حتى يتلقفه هذا بطعنات خنجر وهذا بطلقة مسدس وتتلقفه تلك بزغرودة على وقع الطعنات أما أن يدخل ويخرج هكذا على غرار عاش الملك مات الملك فهذا قد ملك حيرتى ولكن مالى أنا البطل للكاتب والمعنى فى بطنه ، وأخيرا سلمت وصدقت أنها النهاية.

في بناءٍ سردي خاص جدًّا، ومن خلال استخدام لغة المخاطب منذ البداية التي تجعل القارئ متورطًا في تفاصيل العمل وشخصياته وأحداثه، يدخل بنا وحيد الطويلة «سرادق العزاء» المقام للجنازة، وخلال ذلك الطريق الذي يبدو طويلًا وبلا نهاية يستعرض لنا بشكلٍ ذكي سيرة حياة الضابط «فجنون» وعلاقته برئيس المسجلين الخطرين «ناجح» وابنه «هوجان» وما بينهما من شخصيات ومواقف وأحداث في عالم واسع متشابك ومعقد.

في مشاهد قصيرة وموجزة، وعبر عددٍ من المواقف الدالة والمؤثرة، ينسج الطويلة خيوط روايته وعالمه، ذلك العالم السفلي للقاهرة الذي يسيطر فيه البلطجية على زمام الأمور، ويمتلكون قدرةً لم تكن لهم من قبل، بل ينجح تمامًا في تصوير تغيُّر الحال مرة أخرى بين الجلاد الضابط صاحب القوة والسطوة والكلمة الأولى، وبين البلطجي/المسجل خطر الذي تحوَّل إلى جلادٍ من نوع آخر، يمتلك زمام الأمور، بل يتسبب في أن يترك ذلك الضابط عمله كليةً.

تقنيات سردية مختلفة

لا يكتفي الطويلة باستخدام ضمير المخاطب في حكايته وسرد تفاصيل قصة الضابط، بل يتوجه مباشرةً إلى القارئ أكثر من مرة وبطرقٍ مختلفة للفت الانتباه، مستخدمًا عبارات من قبيل «احترس أيها القارئ»، أو «اسمعني جيدًا»، التي تجعل القارئ متشوقًا لمعرفة تفاصيل الحكاية التي يسردها الراوي بشكلٍ حميمي ، بل يقدم له النصائح المهمة لمواصلة قراءة الرواية والتعرف على عالمها.

بالإضافة إلى ذلك نجد قدرًا من السخرية المتناثرة بين المواقف التي يعرضها السارد في تلك العلاقة الملتبسة التي جمعت بين الضابط الفنان، وبين المسجل خطرًا الذي يفرض عليه سطوته، ليس فقط في علاقتهما بل في من يظهر من شخصيات ثانوية تزخر بهم الرواية، ويمثلون أيقونات ثابتة لهذا العالم الغريب، مثل «قنبل»، والمعلم شحتة، وعبقرينو، وغيرهم، تلك الشخصيات التي يرسمها الطويلة باقتدار وتظل عالقة بذهن القارئ حتى بعد نهاية الرواية.

كما ينتقل السرد بسلاسة عبر فصول الرواية القصيرة بين ضمير المخاطب والمتكلم، بين الماضي والحاضر، بطريقة تمنح الرواية المزيد من الحيوية وتجعلها زاخرة بالأحداث والمواقف التي تكشف عن ذلك العالم. بعد ذلك كله يقترح الطويلة في نهاية الرواية على القارئ أن يغيَّر عنوان الرواية بالعنوان الذي يحبه، فيخيره بين «جمال طبيعي»، و«عشاء خفيف للأم تريزا»، أو «نظرية الشبورة» وغيرها من العناوين، مما يجعلنا نعود إلى عنوان الرواية الذي جاء فيه على ذكر عماد حمدي وجنازته.