اقتباسات من رواية تمن شاي

سأحيا بداخلك حتى تموت بذنبي أو تموت بالشوق الذي لا ينتهي، اتركني أتعفن لكني لن أتركك.

‫ تركتها تتحدث وأكملت طريقي للخارج، لكن ضحكتها التي انطلقت فجأة هي التي شلت قدمي، لأجدها أمامي تتوعدني من جديد.

خبأت الأسئلة في يدي في غفلةٍ من الجميع ‫ يقتطع أبي جزءًا من قلبه ويشكل منه رأسًا جديدة لي؛ لأعود طفلًا لا يتجاوز ركبته، ليعود كل شيءٍ كما كان إلا أنا؛ فقد أسكنت الأسئلة في رأسي الجديد، وقررت أن أبحث عن الإجابات المفقودة في صمت، فقد قررت ألا أتكلم حتى أتعلم.

أنا الآن أعلم ما سيحدث، ستعوي الذئاب بقوةٍ فرحةً بما أتاها، وستجلس العجوز على الأرض وتسند ظهرها المحني على جزعي المتهالك، وتغني وتنتظر يومًا آخر وفتاة أخرى ‫ - عين الرضا في الخلاء تبكي ‫ على حبيبٍ في الفلاة يضيع .

أستيقظ دائمًا عند المساء، أكره ضوء الشمس وحرارتها وأشكال البشر المتعرقة التي تلهث من تعب العمل؛ فأنا كائن ليلي محب للسهر، لكن كيف يستمر نومي مع كل هذا الضجيج، لا بد أنهم الجيران الجدد الذين رأيتهم بالأمس، أعلم أنه يومهم الأول، لكن ما ذنبي أنا؟

الكثير من الضحكات واللوم والتعنيف ‫ لم أعد أحتمل تلك الحياة بعد الآن؛ فصرخت بصوتٍ مدوٍ: ‫ - كفى ‫ ليتوقف الجميع عن الحركة لكن في ترقب، أخذت أنظر إليهم ثم اتخذت قراري الذي لا رجعة فيه؛ أغمضت عيني وتحولت إليها، تحولت إلى مانيكان خشبية.

كنت أعلم أن أبي يخشى على العمودية التي توارثها أبًا عن جد؛ لذلك أمر بسفري لفرنسا لأعيش وأدرس مع أخي الأكبر، لكن ضميري لم يستكن يومًا وهو يحمل الحقيقة التي كُتمت بداخله بلا رحمة، وعلمت من دادة أم عبده في إحدى المكالمات أن الطب الشرعي أثبت عذرية هدى وأن أبوها مات في السجن حزنًا عليها.

حتى قابلته اليوم في فرح ابني الأصغر آخر العنقود، قابلته ورأيت ابتسامته التي أحبها، وعندما أردت أن أناديه ناديته بابن خالتي ولم أناديه باسمه؛ يبدو أن الوقت قد فات على ذلك، ولم يبقَ لنا إلا تلك الذكريات والضحكات الصافية.

أخذت أحفر حفرةً صغيرة في الأرض وأضع فيها قطعة البسبوسة، وأغطيها بالتراب ثم أرشها بالماء ‫ فسألني متعجبًا عمَّا أفعل فقلت له: ‫ - بزرعها يا جدي، علشان تطرح شجرة بسبوسة كبيرة، وتاكل منها كتير من غير ما حد يعرف .

لا أحد يعلم مدى الحزن الذي تعانيه؛ ربما تصرخ ذلك الصراخ المكتوم الذي يقطع القلب، أو تكون ملت الصراخ مثلي فاكتفت بالصمت الرهيب الذي يقطع القلب أيضا ‫ أشعر بها وأعرف ما مرت به؛ فلن أنسى ذلك اليوم المر، يوم ذبحوا العجل الصغير في فرح ابنة عمي.

المية السخنة يا بت يا ثريا ‫ - حاضر يا خالة أهو، أنا جاية أهو ‫ - فين المية السخنة؟ الله يزهركم بزهر الطين، الولية هتموت في إيدي ‫ - أهي يا خالة، المية أهي ‫ - ساعدي جنينك يا بت.

المحاذير التي تطلقها أمي دائمًا عن أبي مكحلة الذي يدب أصابعه في عين مَن يتلصص على الناس؛ فأنا أريد أن أنظر، كيف أكتفي بالسمع ومن الممكن أن أراها؟ رفعت السدة وبدأ كل شيءٍ؛ ها هي هذه الساحرة التي تجلس وتضع الإوزة الضخمة تحت فخذها الأبيض الممتلئ.

إهــــداء

‫ حياتي كالشجرة

‫ نبتت من بذرةٍ طيبةٍ في أرضٍ خصبة

‫ لتحمل السر وتكمل الطريق.

‫ إلى ذريتي حتى نهاية الحياة:

‫ كل الحب.💟💖💗💕