❞ سقطتْ مع الآخرين في الماء تحاول السباحة باتجاه اليابسة بينما فرَّ المُهرِّبون مخلفين الأجساد تتخبط في الماء. حاولتْ جاهدةً أن تسبح في مياه البحر الباردة, بل شديدة البرودة. أحستْ كأن شيئاً ما يسحبها للأعماق. تخبط بذراعيها وجه الماء، فتحس بالاختناق. تفتح فمها محاولة التنفس، فيكظمها الماء مرة أخرى.
أغمضتْ عينيها فلفها الفراغ، فراغ انبثقت منه الكثير من الصور؛ أمها مبتسمة، وأخواتها الثلاث حولها يمسكن بأطراف ثوبها وينظرن لها قبل أن يتركنها ويغادرنّ… حاولت مناداتهن؛ لكنها لم تستطع؛ كأنما هي بكماء؛ أو لكأنهنّ صمٌّ لا يسمعن.
ثقلت أطرافها فاستسلمت لذلك الشيء الما… بلا مقاومة غاصت في الأعماق. استسلام لذيذ. أصبحت خفيفة أو متخففة جداً، بلا ذكريات، بلا أحزان، بلا وطن…جسدٌ هلامي يذوب في اللاشيء. ففقدت كينونتها المادية وتسربلت بالاسترخاء. إنَّهُ الخلاص. ❝
تجسدت رحمة أمامي وأنا اقرأ هذه الفقرة ولم تفارق مخيالي من لحظتها. كم كنا نحتاج الي مثل هذه الروايات في عالمنا العربي والتي تسلط الضوء علي الأهوال التي يتعرض لها ضحايا الحروب خاصة النساء والأطفال، وتأثيرها المدمر الممتد إلي أبعد بكثير مما نتخيل علي حاضرهم ومستقبلهم. لقد اعتدنا أن نسمع أخبار الحروب و نتحدث عن ضحاياها كأرقام ولكن الأستاذة ليلي أجبرتنا بواقعيتها الشديدة و حساسية وبلاغة لغتها الأدبية الجميلة أن نتوقف قليلًا و "نري" رحمة و"نعيش" معها تجربتها الأليمة. شكرًا للأستاذة ليلي السياغي علي هذه الرواية الرائعة.