"لقد مات أغلب من كان على القارب. ماتوا غرقًا. الآلاف يموتون غرقًا بلا حول لهم ولا قوة. عاشوا نصف حياة وماتوا موتاً كاملاً. ابتدؤا رحلتهم والأمل يحدوهم، وانتهوا في الفراغ. استكانت أرواحهم أخيرًا في مكان ما. تفكر: هل سيذهبون إلى الجحيم؟ ولكن لأي ذنب سيذهبون إليه؟ لا، لا أظن. بل سيجدون فسحة جميلة في مكان ما هناك في الجنة، حيثما وجدت، بعيداً عن اليابسة وأرض لفظتهم وشردتهم حتى بلعهم الظلام.
ما كاد المليون شلن يكتمل حتى تولد معه هموم البحث عن مليون لفرد آخر!
ياخوفي على نفسي! نهرب منه، نفر بعيداً عنه، لكننا نلتقيه وجهاً لوجه، في وجوه المهربين، سكاكينهم المخفية تحت ثيابهم ورصاصهم تقتل من يشاؤون! ريح موسمية في هذا الوقت من السنة. البحر هائج لايرحم.
ثم نقع جميعاً في براثنه. يستقبلوننا بلطف، ثم ينشبون الموت فينا، ونعود محملين بالكثير من الحيوات، مخلفين وراءنا الفراغ. تسوق الأمواج الأجساد الى محطتها الأخيرة؛ إلى الشاطئ."
رحلة مليون شلن خمسين دولاراً
نبذة عن الرواية
رواية "رحلة مليون شلن، خمسين دولاراً" للكاتبة اليمنية، المقيمة في فرنسا ليلى السياغي هي إحدى تلك الروايات المناهضة للحرب، وتكشف عن طبيعة الحروب الكارثية التي تدمر الحياة، وتتسبب في تغييب دور الإنسان، وتدمير بنيته الإنسانية، والقيمية، والروحية، والإنتاجية، والعملية؛ إذْ تستحضر من خلالها الكاتبة مناخات إنسانية مرعبة من القهر، والظلم، والشتات، والتشرد، والمعاناة، والتسلط، والموت المجاني بين أجنحة الأمواج؛ فتنقلنا الساردة بشخصية "رحمة" إلى مشاهد- تهز المشاعر- من الاستغلال الجنسي، والاغتصاب، وبيع الأجساد، مقابل بعض الشلنات، وصور من استغلال الحاجة والفقر، والمتاجرة بآدمية الإنسان، وبيعه، وإجباره على ممارسة مالا يرغب وتتعمق في مشاهد إعلاء الشهوات الأيروسية المضطرمة على قيم الدين، والإنسانية، والأخلاق. وفي الرواية يختلط الدين، والتدين بالشهوة، وغريزة الجنس؛ فيكاد القارئ لا يفرق بين الشيخ، والعاهر، وبين المصلي، والمعربد، وبين الداعية، والقواد، وبين السجادة، وسرير الرذيلة، وبين شهقة الألم، وشهقة اللذة الحميمية .التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2022
- 246 صفحة
- [ردمك 13] 9781005982737
- دار عناوين بوكس
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية رحلة مليون شلن خمسين دولاراً
مشاركة من ليلى السياغي
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Mai El-arini
❞ سقطتْ مع الآخرين في الماء تحاول السباحة باتجاه اليابسة بينما فرَّ المُهرِّبون مخلفين الأجساد تتخبط في الماء. حاولتْ جاهدةً أن تسبح في مياه البحر الباردة, بل شديدة البرودة. أحستْ كأن شيئاً ما يسحبها للأعماق. تخبط بذراعيها وجه الماء، فتحس بالاختناق. تفتح فمها محاولة التنفس، فيكظمها الماء مرة أخرى.
أغمضتْ عينيها فلفها الفراغ، فراغ انبثقت منه الكثير من الصور؛ أمها مبتسمة، وأخواتها الثلاث حولها يمسكن بأطراف ثوبها وينظرن لها قبل أن يتركنها ويغادرنّ… حاولت مناداتهن؛ لكنها لم تستطع؛ كأنما هي بكماء؛ أو لكأنهنّ صمٌّ لا يسمعن.
ثقلت أطرافها فاستسلمت لذلك الشيء الما… بلا مقاومة غاصت في الأعماق. استسلام لذيذ. أصبحت خفيفة أو متخففة جداً، بلا ذكريات، بلا أحزان، بلا وطن…جسدٌ هلامي يذوب في اللاشيء. ففقدت كينونتها المادية وتسربلت بالاسترخاء. إنَّهُ الخلاص. ❝
تجسدت رحمة أمامي وأنا اقرأ هذه الفقرة ولم تفارق مخيالي من لحظتها. كم كنا نحتاج الي مثل هذه الروايات في عالمنا العربي والتي تسلط الضوء علي الأهوال التي يتعرض لها ضحايا الحروب خاصة النساء والأطفال، وتأثيرها المدمر الممتد إلي أبعد بكثير مما نتخيل علي حاضرهم ومستقبلهم. لقد اعتدنا أن نسمع أخبار الحروب و نتحدث عن ضحاياها كأرقام ولكن الأستاذة ليلي أجبرتنا بواقعيتها الشديدة و حساسية وبلاغة لغتها الأدبية الجميلة أن نتوقف قليلًا و "نري" رحمة و"نعيش" معها تجربتها الأليمة. شكرًا للأستاذة ليلي السياغي علي هذه الرواية الرائعة.
-
Mariam
أود أن أبدأ باقتباس من الرواية
❞ تمتمتُ بلا وعي:
- رحمة! إنّها رحمة!
لم تسمعني، وربما لم أنطق بها، أو لعله كان صوتاً خرج من بين الأوراق التي لمستها بلا قصد، لمسة سحرية سكبتْ فيها وجع وتيه سنين، وامتصاص رحيق عمرها بين أحضان الرجال. وها هي الآن قد ذبلتْ، فلم يعد يرغب بها أحد.
لست أدري! أقسوة الأقدار أم ألطافها ما جعلتني اصطدم بعينيها الزرقاوين صدفةً في ذات اليوم التي أكملت فيه هذه المسودة!! لا أدري، لكنها كانتْ إشارة تدعوني أن أخرج هذه الرواية للنور مهما كلفني الأمر. ❝
وكم أنا ممتنة ان الرواية ظهرت للنور . رحمة ليست مجرد قصة بل حالة من قوتها سيبقى أثرها في ذكرى لفترة طويلة.