اقتباسات من كتاب طريق قديم سحب بيضاء : سيرة حياة المستنير بوذا وتعاليمه

«أيها المعلم، كيف ينبغي للراهب أن يتعامل مع جمال النساء؟ هل الجمال، خصوصًا جمال المرأة، يشكل عقبة أمام الممارسة الروحية؟»

‫ ابتسم البوذا. كان يعلم أن ساريبوتا لا يسأل لنفسه، لكن بالنيابة عن الرهبان الآخرين. أجاب، «أيها الرهبان، الطبيعة الحقيقية لجميع الظواهر في الوجود تتجاوز الجمال والقبح. الجمال والقبح هي مفاهيم تصوّرها لنا عقولنا. وهي متشابكة بشكل لا ينفصل مع الكيانات الخمسة. بالنسبة لعين الفنان، فإنّ أي شيء يمكن أن يبدو جميلًا، وأي شيء يمكن أن يبدو قبيحًا

التفكير بأننا امتلكنا الحقيقة، لن يجعلنا قادرين على فتح أذهاننا لاستقبال الحقيقة، حتى لو كانت الحقيقة تدق على بابنا.»

راهولا، هل تعرف لماذا يستخدم الانسان المرآة؟»

‫ «نعم، ليرى انعكاسه»

‫ «لذلك يا راهولا، عليك أن تنظر إلى أفعالك وأقوالك، كما ينظر شخص إلى مرآة»

عاد إلى مجتمع الرهبان وهو يحمل حفنة من أوراق شجرة السيمسابا. أمسكها ورفعها وقال لهم «أيها الرهبان، ما هو أكثر؟ عدد الأوراق في يدي، أم عدد الأوراق في الغابة؟»

‫ قال الرهبان» عدد الأوراق في الغابة»

‫ أجاب البوذا «هو كذلك، ما أراه أكبر بكثير مما أُعلّمه. لأني أدرّس فقط الأشياء الضرورية حقًا والمفيدة في تحقيق التحرر.»

حيث أن كلمات وخطب ومواعظ البوذا كانت تسمى (سوترا).

سأله أناندا «سيدي، هل يمكن للمرأة أن تحقق الدرجات العليا مثل (أقصى التيار، والعودة لمرة واحدة، واللا عودة، والكمال؟)

‫ أجاب بوذا «بلا شك.»

الطبيعة الحقيقية لكلّ الأشياء في الكون هي أنه لا توجد ولادة ولا موت، ولا ظهور ولا اختفاء، ولا زيادة ولا نقصان»

ابتسم البوذا لأخيه الأصغر. «انتبه لمراقبة تنفّسك. تأمّل جسدك، ومشاعرك، وأفكارك، ووعيك، ومواضيع وعيك. انظر بعمق كي تقرأ عمليات الولادة، والنمو، والتلاشي لكل ظاهرة في جسدك، ومشاعرك، وعقلك، ومواضيع عقلك. وإذا كان هناك أي شيء لا تفهمه، تعال واسألني أو اسأل ساريبوتا. ناندا، تذكر أن السعادة التي يجلبها التحرر، هي سعادة حقيقية غير مشروطة. ولا يمكن تدميرها أبدا. اطمح إلى هذا النوع من السعادة.»

في عين الشخص المستنير كل الناس متساوون. دماء الناس كلّها حمراء، ودموعهم كلّها مالحة. نحن جميعا بشر، ويجب أن نجد الطريق الذي يمكّن جميع الناس من تحقيق كرامتهم

وبالتالي فإن مشاعر الألم الناجمة عن الشفقة، لا تحمل الطبيعة المريرة والثقيلة التي تسببّها لنا أنواع المعاناة الأخرى. بل العكس، الشفقة تمنح الشخص قوّة أكبر. أيّها الملك العظيم! لقد سمعت اليوم بعض المبادئ الأساسية لطريق التحرر. وفي يوم آخر، أود أن أشاطركم مزيدًا من هذه التعاليم.»

‫ «الشفقة هي ثمرة الفهم. ممارسة طريق اليقظة معناه أن نفهم الوجه الحقيقي للحياة. الوجه الحقيقي للحياة هو أنها زائلة. كل شيء زائل، ولا توجد نفسٌ منفصلة بذاتها. كل الأشياء ستزول. في يوم ما ستزول أجسادنا. عندما يرى الشخص الطبيعة الزائلة لجميع الأشياء، تصبح نظرته للأمور هادئة ومستكينة. وجود الأشياء الزائلة لا يزعج قلبه وعقله.

الفصل الثاني والأربعون‏

‫الحب هو الفهم

إذا كنت لا تشعر بآلام الآخرين، فأنت لست إنسانًا بحق.»

يجب أن ندرك أن المعاناة التي يسببها الحب على أساس الرغبة والتعلق، هي أكبر ألف مرة من المعاناة التي تنتج عن الشفقة. من الضروري التمييز بين هذين النوعين من المعاناة. الأول لا طائل من ورائه تمامًا ولا يعمل إلا على تعكير أذهاننا وأجسادنا. بينما الآخر يغذي فينا حسّ الرعاية والمسؤولية.

عندما يتمتع كل شخص من حولك بالسعادة والسلام والفرح، ستختبر أنت بنفسك السعادة والسلام والفرح. هذا هو معنى الحب وفقا لطريق الاستنارة واليقظة»

إذا أردت من أحبّائك أن يتبعوا أفكارك ويطيعوا رغباتك، فلا تتجاهل احتياجاتهم. فذلك ليس من الحب حقا، بل مجرّد رغبة في امتلاك الآخر ومحاولة لتلبية احتياجاتك أنت، التي لا يمكن الوفاء بها بهذه الطريقة»

الأخوة والأخوات الذين لا يفهمون بعضهم لا يحبون بعضهم. الآباء والأطفال الذين لا يفهمون بعضهم لا يحبون بعضهم. إن أردت أن يكون أحبّاءك سعداء، يجب أن تتعلّم لتفهم معاناتهم وتطلّعاتهم. عندما تفهم، ستعرف كيف تخفّف عنهم المعاناة وتساعدهم على تحقيق تطلّعاتهم. هذا هو الحب الحقيقي

«جلالتك، وفقًا لطريق التنوير واليقظة، لا يمكن أن يوجد الحب بدون فهم. الحب هو الفهم. إذا كنت لا تستطيع أن تفهم، فلا يمكنك أن تحب. الأزواج والزوجات الذين لا يفهمون بعضهم لا يُحبون بعضهم.

إذا كان الأشخاص الذين نحبهم غير قادرين على أن يكونوا سعداء بسبب حبنا، فسوف يجدون طريقة لتحرير أنفسهم منا. لن يقبلوا بسجن الحب هذا، وبالتدريج سيتحول ما بيننا من حب إلى غضب وكراهية»

الحب الذي تحتاجه جميع الكائنات بحق هو المحبة القائمة على العطف والشفقة. المحبة التي يمكن أن تجلب السعادة إلى الآخرين. والمحبة التي لديها القدرة على إزالة معاناة الآخرين من دون المطالبة بأي شيء في المقابل