اقتباسات من رواية سنوات الجري في المكان

صوتها يجعلك أكثر ثباتًا، وكأن وجودك يزداد ثقلًا على الأرض، مثل شبح يكتسي بالعظم واللحم والجلد ليعود إنسانًا. صوتها يشعرك بأنك أنت الحقيقي وليس المزيف..

تتشبث بصوتها لتعود بالزمن، صوت الأحباء ملاذ ومأمن. في لحظات الهشاشة تسترجعه كتراتيل مقدسة.

أن الصوت معقد جدًّا، وأنه يتحكم في كل الحواس الأخرى.

الصور ماكرة، لا تفصح عن نفسها إلا لمن يستحق، متموجة، تخفي حكايات وتُظهر أخرى، تخدع العين وتجذبها إلى حيث شاءت.

بقايا الموتى مخيفة، لأنها تثبت أنهم ذات يوم كانوا هنا ثم تلاشوا.

طوال حياتي لم أشعر بأنني أغوص في بحر عميق إلا عندما غصت فعلًا، وأدركت أن الملح كان ينهش في لحمي كل السنوات الماضية، وأنني مثل أبي غريق، وأن أمي ربان سفينة مسكين محبوس في غرفة قيادته، وأننا جميعًا أموات.

الأخضر لون الكذب، لأن الكذب بريء مثله، مريح مثله، ويخفي الحقائق التي لا نريد الاعتراف بها لأنفسنا وللآخرين مثله. الكذب مسكين مثل الأخضر، ومثله غريب ووحيد.

في لحظة فقدان الأمل لن نرى سوى الأحمر وفي لحظة انتهاء الحب لن نرى سوى الأحمر، وفي لحظات الألم والمرض والجبن والتراجع، لن نرى سواه في كل اللوحات يظهر الأحمر جليًّا، لا وجود للوحة بدونه، حتى لوحات الظل والرماديات، يظل

لم يكن الموت سيئًا جدًّا، كنت أقول دائمًا من يموت يستريح، التعب لمن يظل على قيد الحياة.

يريدها أن تظل معه بشكل ما؟ الانقطاع التام مثل الموت الذي يكرهه، أو ربما لا يكرهه لكنه لا يفهمه، ولا يريد أن يفهمه.

ميت موجود وحي غائب

في النهاية ستتحول الوجوه إلى كتل معتمة، عجين بلا ملامح.

لماذا ننسى الراحلين بهذه السهولة؟ ننساهم على الرغم من أنه من المفترض أن يحدث العكس. لماذا وجدوا أصلًا إن كانوا سيتلاشون في النهاية؟ سننسى أولًا أصواتهم، ثم طريقتهم في المشي، ثم لمسة أيديهم عند المصافحة، ثم روائحهم

منذ وفاة سعد وهو مهووس بالتسجيل، تسجيل كل شيء، تسجيل الصوت والصورة، يريد أن يملك سجلات لكل شخص يحبه، يتمكن من استعادتها عندما يموت

يُسمع الصوت من الحشود وكأنه يصدر من داخلهم، أفواههم أحيانًا مغلقة، لكن الصوت يخرج من أعينهم، من أصابعهم، من البثور على جلدهم.

❞ ما قدرك سوى أن تكون ميتًا؟ من سوء الحظِّ أنَّ جيلك هو المختار. من سوء الحظِّ أنَّ أفضل أيَّام حياتك ستمضيها ماشيًا على الأرض كروح. لكن هذا قدرك.» ❝

احترقت وتعبت وبكيت وقاومت لأنك تمسكت بطعم فرح ضئيل يشعلك للحظة ثم يتلاشى. كل شيء هو لا شيء، فقد الشيء مثل العثور عليه، مجرد أمل زائف بالاستمرار.

هناك بعد حدود العالم وبعد أن يتساوى كل شيء، طعم الماء مع طعم الخبز، طعم الحزن مع طعم الفرح، ستعرفين أن لا شيء يستحق، وأنك ركضت طويلًا جدًّا من أجل اللا شيء

تريدين الاحتفاظ بأكياس مجمدة، وبقايا وجبات جاهزة وأكياس شيبسي نصف فارغة في الحقيبة، لأنك خائفة دائمًا خائفة أواني الأرز الممتلئة لا تمنحك الشجاعة لكنها تطرد خوفك مثل طعام المستشفيات والطائرات دليل على بقائك على قيد الحياة، وسط المرض، وسط الهواء،

مثل فنجان قهوة بارد يلمس الخوف شفتيك. برتقالة مجعدة وحيدة على رف الثلاجة، بقايا طبيخ بائت لا تجرؤين على التخلص منه. ثمة خوف في كل رغيف خبز ناشف تلقينه في القمامة، لأنك ربما لن تجدي غيره في اليوم التالي.