#ريفيوهات
"الكاتبات والوحدة... حجر أساس، وتشريح الكتابة النسوية على قد ما قسم"
-وقتما سمعت وصف حياة الكاتبة للمدينة الشاهقة، وشعور الضآلة أمام حياة لها ديناميكية تختلف عن حيوات الوطن، والتي صنعت شخصية حياة في روايتها "الجدار"، دونت حينها بأنها متشابهة إلى حد كبير لشخصية أكرم في رواية حدث في شنجن للكاتب محمد إسماعيل عمر من حيث البيئة والتغريبة ونفس طيف الشعور غالبا، إلا أنني بعد ذلك اكتشفت أن الربط هنا لا ينفع، وهذا يدفعنا إلى استكشاف التجربة الشعورية التي صنعتها بعض الكاتبات، ترى في كل واحدة منها قطعة نسجتها كاتبة أخرى وهلم جرا، تراه في آخر الأمر كنسيج وحده، ربما يُقذف إليّ هاجس بأنه يعد إفلاسا أو ارتكان لجانب آمن، لكن بعد هذا الكتاب فهمت كيف تآلف النسيج، كيف؟
--طيف كاميليا الأبيض ...قوس قزح أخريات!
تعتبر كاميليا "من رواية أطياف كاميليا للكاتبة" هي مستخلص معاناة الكاتبات والتي تدفعهم للوحدة، يعني كما الوحدة شعور يجمع نوال السعداوي مع أروى صالح مع فاليري سولاناس مع إيلينا فيرانتي مع إيمان مرسال وغيرهن، تجمعهن كاميليا وتستخلص منهن بعض من صفاتهن، تعيش كما رغب بعضهن بكونها هن في زمن آخر، تتحرك مثلهن وتطمح للشعور المثالي والذي كان واضحا عند مي زيادة "شعور الاكتمال" وتتمرد على العادات في مدينة صغيرة حتى تتوه في صراع المادة والروح عند سونتاج أو اصطدام الأحلام بالواقع عند أروى صالح "في الصور المبتورة لكاميليا" فتشعر بانعدام المعنى "تحول هيئتها" وتتلاشى
-ولو فرضنا أن التلاشي هو التفتت والذي يرادفهما الموت، فننتقل لكاميليا الصغرى باعتبار جملة عنايات الزيات "كل شيء يبدأ من المقبرة" فتتحرك كاميليا حذو عمتها، وتتفاعل في هذا مع أمها "كما فيرانتي والنظرة الفردانية التي نتجت من اضطراب ما بعد الولادة" لنصل أخيرا للكمال كما حلمت كاميليا الكبرى بعد تفاصيل أكثر، ولكن ما يعني كل هذا؟ وما علاقته بالموضوع؟
--جدارية "عاطفيات بطبعهن"
-حين مر على أذني سرد الكاتبة لشعورها أمام الاضطرابات من بداية العقد الثاني من الألفية، وانتقالها لشرح معاناة فيرجينيا وولف لمعاناة الحرب العالمية الثانية، وعقدة الذنب الحادثة لرضوى عاشور وسط أحداث ٢٠١١، تذكرت اهتمامي مع المهتمين بالأحداث الساخنة، أذكر منها سماعي للبيان الأول لد اعش وقت سيطرتها على الموصل عام ٢٠١٤ غالبا، المهم في هذا رؤيتي لإعلان صغير على قناة العربية لصورة مؤطرة لطفل يلهو ثم تتحول لطفل يصرخ من شظايا قذ.يفة ويظهر سؤال "هل صار المشهد اعتياديا؟" ثم تحذف الأداة والعلامة ببساطة
-على هذا -أو أشياء أخرى" تتفتح أصحاب العاطفة "مثلما ينعتن" ويتحركن لما يجري حولهن، وعقولهن تصير جدارا يمتص تلك الصور والبلايا فتزيدها هشاشة أكثر، مثلما رأينا معاناة سوزان سونتاج المتشربة، أو شعور الموت الذي طاف بمي زيادة وعنايات الزيات، أو الانتهاك القوي الذي تعرضت له إيلينا فيرانتي أو فيرجينيا وولف، أو شعور رضوى عاشور بالذنب على الشباب، فلا يجعلن المشهد الواحد اعتياديا قد يتساقط من الذاكرة لا أو صدمة قوية ربما أمل التعافي منها يزيلها، لا بل يتجدد ويحيط بهن كشرنقة ناعمة وتصير جدران خفية في الصدور، تحركها الكتابة كما الأنفاس الثقيلة
-وهذا رأيته جيدا في محنة شخصية البطلة في رواية خدعة الفلامنجو للكاتبة نهلة كرم، وصديقة شخصية مريم في رواية على فراش فرويد وسارة في المقاعد الخلفية، ورواية تعب السر لآية الحسيني "والتي وصفت فيها هذه الشفافية بنظرة مقاربة" ولا أحد ينجو من آنا فونتينا "في قصتي عمران بن أسماء ولا أحد ينجو من آنا فونتينا " لإيمان جبل وسلمى في وراء الفردوس للكاتبة منصورة عزالدين، هؤلاء لم تمر عليهن الأحداث مرور ضيف كريم، لا بل استقبلتها حواسهن، فضلا عن أن تلك الأحداث ضيقن عليهن بدرجة أشد قليلا، ترينا نفس رؤية أروى صالح بين الأحلام والواقع المر
--سيف منكسر
-ونتاج الصدمة كصدمة فاليري، أو الحساسية المفرطة أمام عالم يحتاج بعض البلادة للعيش وتقبل شعور مثل الموت لأجل أن تدور عجلة الحياة، لا يسع هؤلاء أن يتقبلن القيد، يقاومن أحيانا "كجراءة فاليري سولاناس وقت.لها للمخرج بلا مبالاة أو خفة رضوى عاشور أو صلف سوزان سونتاج" ينعزلن ويحاربن بالكتابة كما هو القاسم المشترك وينتهين وهم على ذات الحال كمي زيادة بين كتبها، إلا أن شعور الهرب ينتابهن، وكما فردنا أن كاميليا هي التجسيد الواحد لهؤلاء ولكن في زمان آخر وكأن الكاتبة تحقق حلما عصيا، تحلم كل منهن بذلك، بالهرب من كل هذا والاختفاء والذوبان، يتشبثن بعتبة جوزيف كامبيل ليبتلعهن الحارس فيحللهن لولادة أخرى في عالم ربما فيه بعض الملائمة والإنصاف، وهذا كان طموح نظمته الشاعرة مروة مجدي على لسان أبطال قصائد ديوان زهرة محاربة، ونجحت الكاتبة نورا ناجي في صنعه في أطياف كاميليا، وقصتي "فتح المندل وعروس النبي دانيال في مجموعة مثل الأفلام الساذجة "
-الرؤية الروحية " ألمك أشعر به"
- كما وصف جوزيف كامبيل أن الأصل في الأشياء واحد، وبالتحرر ينتهي وصف الشر والخير أو يذوبا، نرى اضطراب فيرانتي نحو أمومتها واضطراب سونتاج ونوال السعداوي نحو البنوة يمتزج، يرينا أن الأمر متماثل، ميزان واحد لضمان ثبات رد الفعل أو ملائمته
-فمثلما فهمت الكاتبة وانطلقت على هذا الأساس لتصنع تضامنا شعوريا لمآسي كاتبات عانين من الوحدة، صنعت تضامنا خفيا لبقية الكاتبات المعاصرات، كأنهن قرناء لبعضهن، ترى الإشارات وتصدقها مثلهن، وتتفهم غربتهن عن الناس وهشاشتهن، وذلك الرابط الشعوري ما جعلني أريد البكاء في محادثة الكاتبة لأم الطفلة البريئة الشهيدة لوسيندا، بل وتكريمها بقصة وادعة تلامس القلب في بنات الباشا، أو زيارة أروى صالح للكاتبة في المنام وإفراغ بواعثها وشعورها بعد الانت.حار، وذلك ما وجدته جليا بين الفكرة العامة وفكرة تعب السر لآية الحسيني رغم اختلاف الوجهة، ولكن كلاهما يبحث عن هية الغرفة التي تخص المرء وحده، وينظرا للقرين الطريد "سواء نديم أو أحلام الكاتبات وطموحهن"
-ملاحظات
-لي تحفظ على بعض ما ورد عن نوال السعداوي لكنه مرفوع لحين الاطلاع على أفكارها أكثر