#ريفيوهات
" عن سلسلة هيتشكوك"
- يعتبر من العدد الأول الصادر قبل أيام على أبجد، أننا أمام جرعة لطيفة من الإثارة والتشويق، جرعة صغيرة لا تتعدى ٢٠ صفحة لكل قصة، وتكفي لتشويق القارئ للأعداد التالية بلا شك، لكن ببعض تركيز وجدت أفكار وتأويلات تستحق التأمل والنظر
--الكوخ الصيفي "سأم العجائز"
-في إحدى لوحات المسلسل السوري بقعة ضوء "حلقة هاي مو عيشة"، نرى شخصية عجوز نزقة تدعى أبو جلال "والتي أداها الممثل الراحل خالد تاجا "لا تبحث إلا عن التذمر والشكوى عند حدوث مجرد انقطاع صغير في الخدمات، والتي يضيق الخناق بها حين تسير الأمور بشكل تام، حتى تستسلم للموت، وفي حركة عبثية يقوم حين ينقطع الخط متهللا
-وفي هذا تقارب في حياة آل أليسون، فوحدتهم -العجائز- تدفعهم للضيق بحياة المدينة السهلة مثل نيويورك، والبحث عن المصاعب "الطريق المنحدر والكوخ المتواضع"، وتدفعهم -كما تدفع أبو جلال بالاتصال دوما- لإبلاغ كل أهل القرية البسيطة بالمكوث، ولو كان المقابل نظرة باردة مثل نظرة بابكوك، يعني هم يريدون في ذلك الشعور بأهمية جديدة كمبارزة للحياة الساخرة على كل حال من حالهم.
--الكوخ الصيفي "يا بخت من زار و..."
-❞ - إنهم نتاج أجيال من زواج الأقارب، من الطبيعي أن يكونوا مختلين. معجزة أنهم لم يبدأوا ذبح بعضهم البعض بعد. ❝
- من اقتباس لقول السيد أليسون عن حال أهل البلدة، ورؤية اتفاقهم الضمني عن الاستغراب من المكوث، تتضح أمامنا نظرة القرية تجاه المدن "من شخصية جامع القمامة"، والتي هي مجرد تبادل منفعة، المدني يصفي نفسه من صخب حياته، ويكفيه وجوده فوق ربوة عالية ليشعر بقيمته، والريفي يستفيد بالبيع والشراء، فضلا عن أن التبادل له توقيت معين "إجازة عيد العمال".
-وبما أن الإنسان عدو ما يجهل، فأهل القرية لا يحتملون وجودهما، أو بالأدق هم غير معتادين لمكوثهما عن الميعاد "اختفاء عامل التوصيل"، وربما تكمن تلك العداوة في الخوف من التأثر "من صخب إذاعة نيويورك" يمكن أن يجعل أهلها تقوم بأشياء غريبة"
-ملاحظة: أعجبني استخدام وصف البيئة بشكل جيد، حيث تظهر تارة محايدة رائقة رغم أزمة آل أليسون وخط الهاتف، أو مضطربة تنذر بعاصفة كما يضطربان هما، فضلا عن توظيف بعض منها لجوانب فلسفية في رأيي"كالكوخ العالي في رسم الأنا، ورسالة جيري باعتبارها المغريات، والنهاية باعتبارها المصير"
--المبارزة "مخ وعضلات وتشريح ذبابة"
-يوجد تشابه قليل بين الذبابة "في رواية صيادو الأحياء لبيوتر أورلفيتس" وريك مادسن، في اتساخ الملابس لريك مثلا واللقب للذبابة للتحقير، والأدق لأنهما يعولان على القوة أولا، فلذا يسهل العبث بهم بلعبة عقلية، تجعلهم في شتات يكفي لضربة قاضية
-وعن كيفية ذلك، فدوكاي صنع بألاعيب العقل مبارزة لمادسن في فرد الدوافع وتحليل القوى، وتحليل السيناريوهات التي يفرضها مادسن بيأس، لينقله لمبارزة أعلى بينه وبين نفسه، بين الفعل ونقيضه، وذلك ما يجعله مثبتا لأكبر وقت، وهذا-تحليل الموازين- ربما الذي ينزع الفتوة والشجاعة أو لعبة المجازفة، وهو ما جعل بني إسرائيل -بسبب سؤالاتهم الكثيرة- يصرخون في طالوت "لا طاقة لنا اليوم"
الخلاصة: جرعة ممتازة من قصص مشوقة، ذات ترجمة لطيفة ساعدت في ضبط انفعالات القصتين