اقتباسات من رواية قميص جوز جارتي

صرت الآن أعشقُ ظنَّك الخاطئ بنفسك، بأنك الرجل الكامل، فهنا تسقط أمامي أسطورة العملاق، ويبدو لي تقزّمك، ولا أعود أراك.

وأعرف جيدًا أن كلَّ امرأة تحمل داخلها قدرًا من الجمال؛ قد يظهر وقد يختفي، وأن المرء قد يموت أحيانًا من السعادة.

فما زلت رغم تقدم العمر أحيا بفطرة الأحاسيس، قد يضللني العقل أحيانًا؛ فله حسابات الدوام وشروط الواقع والمصلحة، أما فطرة الإحساس وبراءته فهي صديقة مشاعري الحقيقية.

شغلني تعجُّبٌ جال في بالي؛ كيف أن تلك السيدة التي لم تهتز قامتها طوال عمرها أثناء الغناء استطاعت بصوتها فقط أن تتلاعب بكلِّ تلك القلوب والمشاعر والأبدان طوال ما يزيد عن قرنٍ كامل بمجرد أن يقولَ أيٌّ من كان في أي زمان: «سمعنا الست!»

النساء والرجال في هذا سواء، الجميع إذا ما طُرِح موضوع ما للكلام نجد بشكلٍ متفَّقٍ عليه دون إعلانه من يلعب دور المستمع المندهش، والآخر يأخذ دور المتكلم العالم بخفايا الأمور، ثم يتم تبادل الأدوار من موضوع إلى آخر …

فألبست كلُّ واحدةٍ منهُنَّ نفسَها عفريتًا يليقُ بها وقد استندت إلى أدلةٍ كاذبةٍ اخترعتها لتوها؛ مثل أنها تبكي ليلَها في الحمام بيت السفليين، ومن أنَّها تقف أمام المرآة تنظر إلى جسدها وجماله؛ حتى أنها تشعر بأنفاس رجلٍ حولَها، ومنهن من تؤكد أن سرَّها يؤرقها من معاشرةٍ غير مرئيٍّ لها أثناء نومِها إلى جوار زوجها… كلُّ واحدةٍ أرادت أن تحبك قصةً مفادها أن علاجَها أن تكون نجمةَ الزار وبطلَته، ومحطَّ الأنظار وعروسه، وليست مجرَّد مدعوة فيه على الهامش.

كان البحر بلونه الداكن وهمهمته مع الهواء في الليل أشبه بناسك وقور يرتل أوراد المساء! جذبتني طقوسه فدلفت تحت عبائته السوداء مختبئةً منه داخله، وحين هبطت إلى قاعه هدأ قلبي وهدأت دقاته، سمعتها بوضوح وسط صفاء عمقينا معا، كان إيقاع قلبي رخيماً منتظماً.

فما كنت أرغب سوى في الهروب، وعندما نهرب فأيُّ نقطة نصل إليها هي ملاذ.

استحالت الذكريات بمرِّها وحلوها وقسوتها، واستحال العمر معها إلى ثلاث ورقات: ميلاد رجل، تزوج، ومات.

⁠‫في دقيقةٍ واحدة حكى القدر قصةً؛ كتب حروفَها في نحو نصف قرن.