اقتباسات من رواية الشهيدان عمر قدور

استشهدتُ يوم 28 كانون الثاني 2012، نحن الآن في أيِّ تاريخ؟ ‫ لا يهمُّ التاريخ، يا بنيَّ، أنا وأنت خارج الزمن، وأنا مثلكَ سعيتُ لمعرفة ما حلَّ بالناس هنا لن يسمعكَ منهم أحد، ولولا أنني ميت مثلكَ، لَمَا سمعتُكَ لتعرف الجواب.

علاء لم يُكمِل العشرين من عُمُره، خَجَلُهُ ودَمَاثَتُهُ الشديدان لا يكشفان عن روح التمرُّد الملائمة لسنِّه، عندما نصادفه في الشارع كان يُحيِّينا مخاطباً إيَّانا بالخال والخالة على سبيل الاحترام في حضور المهنِّئين بعودته سالماً، كانت الدعوات تنهال على أولئك الجلَّادين الذين لا يعرفون رحمة أو ضميرًا.

فكرة تعرُّضها للاغتصاب كانت واردة أيضاً، لأننا كنَّا بدأنا نسمع عن عمليات اغتصاب ممنهجة، إلَّا أنني استبعدتُها مثلما استبعدتُ احتمالات تعرُّضها للتعذيب وأنا أنتظر خروجها من الاعتقال. فكَّرتُ في أن مهنتها كمحامية قد تُخفِّف عنها الوحشية التي يمارسونها مع الآخرين.

افتراق آخر كان يتَّضح خلال ما تبقَّى من سنواتنا الجامعية، ففي حين كانت معظم أسئلتنا تِقْنِيَّة، كانت أسئلتها جذرية؛ كنَّا في معظمنا نسعى إلى فَهْم أفضل للقانون الذي ندرسه بينما أسئلتها تتقصَّى مقدار ما فيه من العدالة ‫*** ‫ البعض يظن أن الموتى يرون ما لا يراه الأحياء.

أنتظر من همهمة أولئك الذين يحملون النعش أن يقول أحد منهم إنني "أبو فلان"، فلا يتلفَّظون سوى بكلمة الشهيد مللتُ بسرعة كوني شهيداً، أردت أن يُقال عنِّي شيء آخر، حتَّى اسمي يتوارى وراء وصف الشهيد، لولا ذاك المصوِّر الذي يثابر على قول اسمي لتوثيق سجلاته.