علاقات وإسقاطات
في الرواية التي تصنف أدب رسائل والتي تدور على لسان الراوية (لا نعلم اسمها حتى النهاية) تسرد لنا في خطابات مرسلة منها لصديقتها سلمى عن مدى تأثرها من علاقة سامة محبطة بشخص قد أحبته ومحاولة تعافيها من آثار تلك العلاقة المدمرة.
علاقة سامة تشعرك بالسقم والمرض تلك العلاقة التي يتكافل طرفيها لجعلها علاقة أبعد ما تكون عن المشاعر السامية التي تربط بين قلوب المُحبين.
فالعلاقة كان بها طرف دائمًا ما كان يستمد قوته من ضعف الطرف الآخر حتى أصبح مسيطرًا فاستحوذ على العقل والجسد كما استحوذ على القلب.
جعل الطرف الآخر يفقد البصر والبصيرة فأصبح هذا الطرف يعاني الهشاشية والشعور بعدم الاستحقاق وصغر النفس.
فيما بين الفلامنجو واللبؤة والأيزوبود
ففي عالم علاقاتنا الصحيحة والمشوهة، صور مقابلة في عالم الحيوان.
فهناك طيور الفلامنجو التي تقضي أغلب وقتها في المياه، لهذا تقف على ساق واحدة وتثني الأخرى، وبذلك تتجنب أن تلمس المياه ساقها المطوية فتبتل وتبرد، وبهذه الطريقة تحافظ على درجة حرارة جسدها، وتوفر طاقتها
وما أذكاها خدعة!
فهناك الكثيرين ممن لا يلتزمون بتلك الخدعة فيهدرون كل طاقاتهم فقط من أجل علاقة ما حتى يكتشفون ما أصابهم من خواء.
أيمكن تدارك وتصحيح الأمر بأمر أفدح؟!
أيمكن الاستمرار في علاقة مشوهة سامة تحقن سُمها لتؤتي بيرقات تنهش آدميتك وكينونتك لتجعلك هش والتحكم بك كعروس خشبي تحركه خيوط بيد مسيطرة؟!
أيمكن الاستمرار في علاقة لم تجد نفسك معينًا نظيرًا بل عبد يتلاعب بك الطرف الآخر في التهديد بالرحيل متى شاء الذي يدرك تمامًا أنه المرآة الوحيدة التي تعلن صورتك التي يبغيها هو وليست لإعلان حقيقتك.
علاقة كان أحد طرفيها سادي لأبعد الحدود يتفنن في إذلال الآخر ويتلذذ به، مهينًا تارة ومشككًا تارة أخرى ومُستغلًا مرات ومرات.
كان بإمكانها الهروب من ذاك المستنقع الذي انغرست قدماها به قبل أن يغطيها الوحل تمامًا لتصبح حطام إنسان، ليسلب طاقتها وموهبتها كما سلب نقاوتها
كم وجدت شخصية سامر شخصية مشوهة تجمعت به كل الصفات التي ما أن تنكشف الواحدة تلو الأخرى حتى تأخذ قرار الفكاك بضمير مرتاح.
كيف لم يمكنها الإفلات من شِباكُه، كيف !
كيف استطاعت مشاهدته بخلاف حقيقته !
كيف استطاعت تقبل الإهانات اللاذعة وهي المُكرمة؟!
أيتحكم بنا الاحتياج لهذه الدرجة ؟!
أينقلب بنا الحال لنتأوه ألمًا كما تتألم اللبؤة بينما تترجم التأوهات لنشوة؟!
رواية قصيرة، أخاذة تغوص في النفس المتألمة
رواية من ١٦٨ صفحة