كتاب "القتل للمبتدئين" هو العمل الثامن للكاتب "أحمد مُراد" والذي أتى بعد سبع روايات، قرأت منهم ستة روايات، وبالترتيب الزمني، وجدت أن سهم "مراد" ينزل إلى الأسفل بسرعة شديدة، حتى أن آخر رواياته "لوكاندة بير الوطاويط"، حازت على نجمة واحدة في تقديري الشخصي.
ليعود بكتاب عن الكتابة، وذلك دعاني لاحترمه قليلاً، أستطيع تفهم الحاجة إلى إصدار كتاب، لدواعي تسويقية، وأن اسم "مراد" سيجعله يبيع، وإن كنت أشك أن هذا الكتاب سيبيع كثيراً، وذلك واضح حتى من ردود الأفعال والاهتمام به، ولكنها تجربة تخوضها لتجعلك تقترب من عقل الكاتب، وتفهم طريقة كتابه، وتفانيه وإخلاصه في الكتاب، بعيداً عن جودة العمل، فعلى سبيل المثال رغم أن رواياته الأخيرة سيئة، لكني لم أنكر أن لُغته في تطور مُذهل.
فينقلنا "مراد" لعالمه، ولطريقة كتابته، ويقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء رُبما، جزء عن الكتابة نفسها، وجزء عن كتابة السيناريو، وسيناريو الفيل الأزرق 2 مُلحق بالكتاب.
إذاً، هل كان الكتاب على المستوى؟ هل قدم جديد في ذلك المجال الذي قُتل بحثاً؟
رُبما.
لست خبيراً في هذه النوعية من الكُتب، ولكن ما وجدته أمامي، كان عادياً، أو بسيطاً، ينقل "مراد" خبرته في الكتابة على ورق، وذلك جعلني أشعر أن الكتابة تجربة شديدة الخصوصية، تختلف من شخص لآخر، ولا تسري جميع قواعدها على الكُل، مُلخصاً، كل شيخ وله طريقته.
طريقة "مُراد" تقوم على الذاتية المُطلقة، من خبرات حياته، وخياله الجامح في طفولته، كانوا كأرض خصبة ليكتب، أول رواياته في أواخر عشريناته، وكانت رواية "فيرتيجو" التي لاقت نجاح واسع، ومن وجهة نظري، هي واحدة من أفضل ثلاث روايات كتبها "مُراد"، حتى توالت الأعمال ووصلت "الفيل الأزرق" إلى قائمة البوكر العربية الطويلة لعام 2014. وزادت شعبية "مُراد" لتُصبح كتبه عبارة عن محفل للقراء، يتسارعوا لشراء كتبه، حتى كارهي أعماله ليزداد كرههم لها.
فلذلك لم أشعر أن الكتاب أضاف الكثير، كان بمُجرد نقل لخبرات "مُراد" في الكتابة بطريقة ذاتية، وأغلب الأمثلة كانت من أعماله، وعند هذه النقطة، نُلاحظ أن أغلب الأمثلة المذكورة كانت من أول ثلاثة أعمال له، الأعمال التي كانت جيدة ومُتماسكة من وجهة نظر فئة لا بأس بها، وذلك يوضح تماماً، للقارئ، كيف أن الأعمال الأولى كانت أهم أعمال "مُراد"، وأنه اعطاها حقها تماماً، وكان يكتب من أجل الكتابة فعلاً، وليس من أجل أن يقتل الملل، أو أن يُحول العمل إلى فيلم سينمائي.
المُلحق الخاص بسيناريو "الفيل الأزرق 2" كان جميل، ووضح مثال جيد لأنه حتى السيناريو لا يُنقل بحذافيره على الشاشة ويحدث له تعديلات حتى لو كانت طفيفة.
ختاماً،
لنقل أن هذا الكتاب بمثابة هدنة بين "مُراد" وقراءه الحقيقيين، وأنه كان يستطيع أن يكتب أي رواية، وستبيع وستصبح في أكثر المبيعات على الإطلاق، وستجد من يقول أنها من أعظم ما كُتب في تاريخ مصر الحديثة، ولكنه اختار الهدنة بهذا الكتاب، فلا يسعني إلا احترام هذا الاختيار، ورُبما يجعل هناك أملاً ولو طفيف، أن العمل القادم سيكون على مستوى "مُراد" الذي عهدناه. وبعيداً عن الغزلان والوطاويط، والحيوانات بأنواعها.