"فهذا التوقف يُقلقني.. وأنا أفضل أن أواصل السير، أن أسير دائماً، أن أسير حتى الإنهاك. لم أكن أرغب في التفكير. المُضي قدماً يمنحني الشعور بأنني سأصل إلى مكان ما، بينما يؤكد لي التوقف أني لست في أي مكان."
رواية "ليلة النار" للكاتب الفرنسي "إيريك إيمانويل شميت" هي بمثابة سيرة ذاتية للكاتب؛ يسرد فيها تلك الرحلة التي على حد قوله غيرت حياته؛ وشكلت كتاباته بعد ذلك، تلك الصبغة الصوفية لكُتبه كانت تراتيب القدر سبباً فيه؛ ولكن السؤال بالنسبة لي: هل لحظة معينة أو حدث مُعين أو ليلة واحدة قادرة على تغيير الحياة بهذا الشكل؟
وبالتحديد في قضية هامة كقضية الكاتب في الإيمان بوجود خالق للكون أو لا، رحلة في صحراء الجزائر من أجل كتابة سيناريو لفيلم تتحول إلى رحلة للبحث عن الذات، والفكر، والله. فهل كُل ذلك الكون الشاسع الذي نعيش فيه لا يكون كيان أكبر يمتلك زمام أموره؟
رُبما تجد ألفاظي وتعبيراتي مُربكة قليلاً، ولكني استمدها من تلك الرحلة العجيبة وتلك الليلة التي حدث فيها كُل شيء.
“في مكانٍ ما، ينتظرني وجهي الحقيقي”
ظل هذا الإقتباس على بساطته يُلازمني طوال الأحداث، فهل الأمكنة قادرة على إظهار حقيقتنا فعلاً؟ أم الظروف المُحيطة بها كذلك؟ الأشخاص المتواجدون حولك؟ أم هم خليط من كُل ذلك يجعلك ترى وجهك الحقيقي؛ البعيد عن الزيف والتصنع. فمع الكاتب "إيريك إيمانويل شميت" كان كُل ذلك موجود؛ المكان: صحراء الجزائر والليلة التي قضاها بمُفرده دون طعام أو ماء، والأشخاص: أصدقائه والطارقي، والظروف: طوال حياته كان ينتظر تلك اللحظة، فعندما حدثت، أغتنمها.
ختاماً..
رواية جيدة، يعيبها فقط بعض الملل في البدايات، لو تجاوزته ودخلت في صلب الموضوع الفلسفي غير الهين، ستجد نفسك في رحلة عجيبة؛ لست مُضطراً أن تؤمن بكل ما تُشاهده فيها، ولكنه بالتأكيد سيُثير اهتمامك الرؤية المُختلفة لمنظور الدين، والإيمان، والحياة عموماً.