#أحمدمجدي
طيب مبدأيا دي مش رواية خالص - إنها نوفيلا يا سادة - يعني رواية صغيرة وحسب ترشيح صديقي المحترم طارق عز فإنها رواية معمولة عشان تكسب جوايز أدبية، وبصراحة شفت ناس كتير جدا بترشح الرواية وبتتكلم عن فكرتها وفلسفتها وطريقة الكتابة واللي كان ملفت للنظر جدا جدا إن الأبطال أو الشخصيات فيها بيكتبوا رواية.
وتعالوا نشوف زي العادة الإنطباع الأخير عن الرواية بعد ما خلصتها.
والحقيقة إني كنت محتار محتاس أول ما وصلت للنهاية وبعد ما خلصت الرواية لقيتني عايز ساعة كده اهدى و استجمع افكاري واسترجعت أغاني الأطفال ومش عارف ليه جت في دماغي الأغنية الخالدة للفنانة عفاف راضي
"هم النم ياروحى يلا جيبالك مم .. كل وكبر لى ياروحى يلا هم النم"
واخدين بالكم من أن الأغنية ليها علاقة بالأكل بما إن العنوان يعني يلتهم نفسه وكده.
وتعالوا نبدأ المراجعة مع الانطباع الأول.
مفيش جديد هنا عن الانطباع الأول لأني بصراحة مقرأتش للكاتب أي حاجة سابقا ومعنديش خلفية عن العمل غير شوية المراجعات اللي شفتها أو سمعتها لكن ولانها بتدور في عالم كتابة الرواية فأنا كنت متحمس للعمل ده جدا.
المهم وقفت كتير عند تعريف الرواية أو النوفيلا وكلمة الظهر وعرفت إن العمل مخالف للأعراف وإنه مميز في النسق والسياق وطريقة السرد، وعندنا رأي ونقد عمالقة في الأدب العربي موجود على العمل.
كل ده كان محمس جدا للبداية لكن خلونا كمان نقول إن عنوان العمل والغلاف كان مبهر وصعب اننا نتجاهله وإني لو في يوم شفت الغلاف ده والمتاهة دي مع العنوان ده والحجم الصغير ده على رف مكتبة ما وكان بالمصادفة البحتة في فلوس في جيبي تكفي - وده مش بيحصل عادة - فأنا مش هتردد لحظة واحدة في الحصول عليه.
وبمجرد ما نفتح الرواية أو النوفيلا بندخل على مشهد افتتاحي لازم نقف عنده ونتكلم عليه.
وتعالوا نتكلم عن البداية والافتتاحية.
عندنا في البداية مشهد سينمائي عجيب، وصف دقيق لحادث عرضي بيحصل في كل يوم ويمكن في كل ساعة كمان، ونتيجة الحادث ده واحدة ست بتموت قصاد ابنها.
من الآخر يعني، نقدر نقول إن الافتتاحية جذابة ومثيرة وخاطفة وقوية جدا بتخلق في ذهن القارئ مليون سؤال عن مصير الطفل اللي شاف وفاة أمه بطريقة مروعة.
وهنا لازم نتكلم عن شخصيات العمل
طيب احنا معندناش أبطال عمل نمطيين خالص احنا عندنا عبث وفوضى خلاقة تخليك مش فاهم مين بيعمل ايه.
في البداية عندنا كاتب عايز يكتب رواية وعندنا صحفي عايز يعمل مقال أو حوار صحفي مع كاتب مشهور وعندنا شخصيات الرواية اللي شغال عليها الكاتب ومتاهة وقفص حيوانات خنزير غينيا - الهامستر -.
في جلسة واحدة أنت هتلاقي نفسك مسحول في عالم أدبي فلسفي وده محصلش كتير في أعمال أدبية.
يعني عمل بيتناول بناء الشخصيات الدرامية في العمل الروائي وإزاي ممكن تبني قصة أو رواية.
مع نهاية العمل إنت ممكن تستشعر طبيعة المرض النفسي في العمل وحقيقي بناء شخصية بطل العمل كان رائع.
العمل كله على لسان شخصيات العمل اللي هما مش شخصيات نمطية زي ما قلنا وخلينا نقول إن العمل مش متعلق بدين معين أو نمط سياسي أو اجتماعي محدد وهو مناسب لكل مكان وكل زمان رغم إن العبارات أو اللغة المستخدمة محددة النمط أو خلينا نقول لها طابع خاص.
وهنا تعالوا نتكلم عن اللغة والوصف في العمل.
العمل هنا نوفيلا لكن فيها حوار كتير جدا وده مش طبيعي في العمل ده لكن النهاية تخليك تكتشف إن الحوار طوال العمل مش حوار أصلا وإن الشخصيات مش شخصيات جوه النوفيلا ومعنى كده إنك ممكن تعتبر الرواية كلها بحوارها وسلطاتها وبابا غنوجها عبارة عن سرد متغير الراوي.
وكان هيكون الموضوع متسق ورائع جدا لو كان الحوار باللغة العربية الفصحى مثل السرد لكن الكاتب اختار العامية الشامية في الحوار في النوفيلا.
طب حد فهم حاجة؟؟
للأسف مش هيفهم النقطة دي إلا حد قرا العمل فعلا وقدر يفهم النهاية.
على كل حال اللغة في الرواية مش مزعجة وبسيطة وسهلة ومعندناش وصف أو اهتمام بالسرد على قدر الاهتمام بالتلاعب بالحبكة والأحداث وخطف القارئ وسحله من حدث لفكرة لحدث تاني وفكرة ثالثة.
وأخيرا يلا بينا نتكلم عن العمل وفكرته.
فكرة العمل ببساطة هي تعايش الكاتب مع قصصه وحكاياته وشخصيات العمل بتاعه، ممكن نقول إن العمل نفسي فلسفي فعلا لكن عندنا إشارات قوية وأفكار عميقة ورمزيات مش قليلة في العمل ده.
بنجاح قدر الكاتب يستعرض فكرة السادية الفكرية عند الكاتب الشاطر القادر على التعايش مع شخصيات رواياته من أبطال وخصوم ويتسلى في كل يوم بأن يلتهمهم.عشان يقدم حبكة متماسكة.
عندنا موجات نفسية قوية هتمر على قلبك.
من الواضح إن الرواية هتعيش معايا فترة من الزمن كده ومش هنساها بسرعة.
وتعالوا نتكلم على الخلاصة.
نوفيلا يلتهم نفسه بادئًا بقدميه تجربة مثيرة جميلة جدا وممكن ترشيحها بقوة لكل كاتب مهتم بفلسفة الشخصيات في الرواية.
طب ما تيجي كده نلعب لعبه ونحط نهاية جديدة للعمل ده.
طب هل ده ممكن؟؟
ليه لاء؟؟
تنتهي الرواية على جوار ما بين الجرو المشرد وأبو علي الذي يطلب قصة جديدة، و عشان متحرقش القصة و النوفيلا خلينا ندخل على النهاية على طول اللي هي أول جملة في التالي والنهاية الجديدة هي الفقرة التانية.
"وانفجرت ضحكة في وجهه قبل أن يهم بالوقوف حاملا قفص الهامستر بين يديه، ثم غاب في زقاق قريب.
تبسم أبو علي لثانية واحدة قبل أن يعاود النظر إلى "قطعة الليجو" - الأزرق - بين يديه ثم خطرت على رأسه الفكرة فاستسلم لها ومال بجسده إلى الخلف حيث العربة الخشبية التي يحمل عليها بضاعته من الكتب والروايات القديمة وأخرج منها كراس وقلم ثم تحرك إلى الكرسي الوحيد إلى جوار فرشته متجاهلا أصوات قرقعة القيود الحديدية التي أحاطت بقدمه، هو يعلم أنه لن يستطيع أبدا التخلص منها ثم بدأ يكتب من جديد.
تمت بحمد الله"