"إن روساريو امرأة إذا وقع المرء في حُبها، ظل على حُبها إلى الأبد!"
رواية "روساريو" للكاتب الكولومبي "خورخي فرانكو" هي واحدة من أمتع الروايات التي قرأتها.. رواية تكاد تكون أحداثها معروفة ونهايتها واضحة ولكن شخصياتها مُختلفة ولهم فلسفات غريبة.. ولكنك أحياناً سترى فيها منطق. وبالأخص الشخصية الرئيسية "روساريو" تلك المرأة الجامحة التي ستجعلك تقع في حُبها من نظرة عين وفي حالتنا من بعض سطور عنها.. فلو وقعت في حُب "روساريو".. انضم إلى الطابور الذي يضم العديد من العُشاق.
هُناك نوع من النساء يُشبه القنابل الموقوتة.. بمُجرد اقترابك منه.. فمرحباً بك على لائحة الذين اقتربوا من الموت.. وبشهادة "أنطونيو" رواي الحكاية الأساسي والعاشق المُتيم بـ"روساريو" وأيضاً "إيميلو" صديق "أنطونيو" وحبيب "روساريو" الرسمي.. أن شفتاها لهم طعم الموت.. فإذاً أنت طالما كُنت بجوارها فأنت في خطر كبير.
من صغرها تعرضت "روساريو" لكل تلك المآسي التي حولتها إلى ما أصبحت عليه الآن.. ولدت لأب لم تراه.. أم تستميل الفتيان الصغار.. أخ يحبها ولكنه عضو في عصابة كبيرة.. وتم إغتصابها وهي طفلة.. وحتى بعدما كبرت قليلاً.. ولكنها في المرة الثانية أخذت بحقها كامل.. وتلك المرة هي التي جعلتها تنال لقب "المقص".. روساريو المقص.
"الحب يفتك بالمرء، ويرهبه، ويحط من قدره، ويمرغه في الوحل، ويُخدره!"
ولكن هذه الرواية من وجهة نظري بطلها هو روايها.. "أنطونيو" ذلك العاشق المُتيم الذي تحمل الكثير من الآلام.. وكُل ذلك من أجلها.. من أجل "روساريو".. فرضي أن يعيش في منطقة الأصدقاء.. رضي أن يقترب من الموت.. رضي أن يراها مع غيره.. يكفيه فقط أنها تراه كصديق.. يكفيه فقط أنه يستطيع شم رائحتها.. رؤية عينيها عن قُرب.. وفي أفضل الأحوال لمس يديها.
فيظل يعيش في تلك النقطة المُحيرة التي اختلف فيها الفلاسفة.. هل العشب الموجود على الضفة الثانية من النهر أفضل من العشب الذي نقف عليه؟
وظل يعيش في تلك النقطة حتى نهل عشب الضفة الثانية.. فأصابه الخدر وعلم أن عشب الضفة الثانية أفضل.. وكان يستحق.. ولكن ماذا لو طردك صاحب الضفة الثانية؟ ولكنك لم تشبع بعد! تريد أن تأكل منه أكثر وأكثر!
ولكن لا.. يكفي مرة واحدة!
رواية "روساريو" رغم المُتعة الكائنة فيها من سرد سريع مُمتع.. وترجمة رائعة لـ"مارك جمال" ولكنها حزينة للغاية.. فقط لو وضعت نفسك مكان "أنطونيو" فقط لو كنت تعلم طعم المرارة التي شعر بها.. فقط لو كُنت تتمنى عشب الضفة الأخرى.. فقط لو تذوقته مرة واحدة وطُردت منه.. حينها ستعلم جيداً كيف يُمكن للحزن أن يكون جميلاً.
يُنصح بها.