لدي عادة غريبة بعض الشيء عند اختياري للكتب ألا وهي اختيار كتاب مغمور لا تكاد تسمع عنه شيء، صفحات الإنترنت التي تتحدث عنه قليلة، الآراء حوله ليست كثيرة، مهما تبحث، تجد المعلومات قليلة حوله، والنتيجة لهذه العادة قد يكون واحدة من أثنين، أما أن يكون الكتاب كنزاً مخفي، لا تراه إلا بعد البحث الكثيف، وأما أن يكون عدم شهرته ورواجه لأنه لا يستحق. وبكل تأكيد هذا الكتاب هو من النوع الأول. كنزاً مخفي لا تكاد تراه الأعين، ولأنني لست طماعاً، أحب أن أشارك معكم هذا الكنز الصغير.
يتناول الكتاب سبعة كُتاب يروون سيرهم المدرسية -ظننتُ هذا واضحاً من العنوان- وتختلف السير المدرسية زمنياً، ومادياً بالنسبة للراوي، فقد نجد راوية تشتهي موزة واحدة، وتكاد لا تعرف طعمها إلا من طعم العلكة ذات نكهة الموز، وراوي لا تُمثل له الانتقال من محافظة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر أي أزمة، وذلك التباين كان في صالح الكتاب، لنرى جميع الزوايا المُمكنة، جميع الحالات المُتاحة، وذلك جعل للكتاب وزناً أكبر.
إذاً لماذا السير المدرسية؟
لأن "التعليم في الصغر كالنقش علي الحجر"، فنرصد أولئك الكُتاب وهم يبنون طريقة تفكيرهم الحالية، يُحللون الأنمطة المُختلفة المُنعكسة من سياسة النظام السياسي، فالنظام السياسي الديكتاتوري يعلم جيداً أن أفضل طريقة للسيطرة على شعبه، هي من البداية، منذ نعومة الأظافر، فيُحاول أن يفرض قيدوه مُبكراً.
وتحاليل الكُتاب لما رأوه اجتماعياً وسياسياً ودينياً، كان جيداً يجعلك مُستمتع وينقلك للفترة الزمنية المذكورة.
ختاماً..
استمتعت بهذا الكتاب فوق العادة، وكنت أتمنى لو أصبح أكثر من سبعة كُتاب، لماذا لا يكونوا عشرة؟ لماذا لا يكونوا مائة؟ ولكني بعد تفكير أطول، تمنيت لو أصبح هذا الكتاب بداية لسلسلة طويلة من كُتب، يشمل كُل كتاب على سبعة كتاب يروون سيرهم المدرسية، بدأنا بسوريا.. فلماذا لا نجوب الوطن العربي كُله؟ ونسمع تلك الحكايات المدرسية السعيدة والحزينة، وتحليلات الكُتاب الذكية. ونتذكر ونجلب تلك الذكريات البعيدة لأنفسنا عندما كُنا مُجرد طلاب، لا نفقه شيئاً، ولكن يُمكننا أن نربط الحكايات التي نقرأها بحكايات حصلت معنا فعلاً. وطوال أحداث الكتاب، ربطت كثيراً وتذكرت كثيراً، وتلك -بالنسبة لي- كانت متعة الكتاب الأكبر.
بكل تأكيد يُنصح به.