بالنسبة للكثيرين نحن غير موجودين إلا في نشرات الأخبار، كم فلسطينيًّا قتل اليوم، خمسة وعشرون، تسعةٌ وأربعون، عددٌ فقط، أرقامٌ تتحرَّك على الأرض، لا تجد حتى من يسجلها بدقة، لم يبقَ لنا إلا الأساطير والخرافات، إمَّا أن نعترف بمن سرقنا أو نُقتل في صمت، أنا لست متعصبًا، أنا فقط أبحث عن درجةٍ معقولة من الصفاء، كأي إنسانٍ يريد أن يكون حرًّا حتى وهو يفكر، فالكلاب يمكنها ببساطة رفع عقيرتها إذا أرادت النباح، والأعشاب تنمو حين تتوفر لها الظروف المناسبة من تربةٍ ومناخ، وعند دخول الربيع ترفع الطفيليات رؤوسها هنا وهناك فوق الأوراق المبللة، أما أنت يا ولد، أما أنت يا فلسطيني، فمت وأنت ساكت!
رجال غسان كنفاني
نبذة عن الرواية
هذه رواية اقتناص؛ فهي تقتنص روح كاتب، وترتدي عباءته الشفيفة، بل وتستحضر بعض شخصيَّاته لتُعيد توظيفها من خلال شخصية «مروان» الفلسطيني الشارد، الذي يهجر وطنه من أجل أن يأتي بالمال الوفير ليفوز بحبيبته «صفية»، فتبدأ رحلة تيهه التي يضل خلالها طريقه، فبدلًا من الذهاب إلى الكويت، يجد نفسه في طريقه إلى الأردن، ومنها إلى مصر، حيث يدخل متاهة جديدة من متاهاته المتتالية، يمر خلالها بسراديب «مريم» الحزينة، مستحضرًا طوال رحلته تجسُّدات أُمِّه التي تتهادى أمامه، وتتكثَّف في روحه، بينما يزداد انغماسًا في تيهه الأبدي!التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2020
- 336 صفحة
- [ردمك 13] 978-977-293-763-9
- الدار المصرية اللبنانية
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية رجال غسان كنفاني
مشاركة من إبراهيم عادل
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
إبراهيم عادل
عرف الأدب العربي قديمًا فكرة المعارضة أو المحاكاة في الشعر، التي تقوم على فكرة أن يحاكي شاعر فكرة شاعر آخر فيأخذ وزن القصيدة وقافيتها ويعيد صياغتها، وربما يغيِّر من تفاصيلها أو ينقضها تمامًا، وهو ما عرفناه لدى أحمد شوقي وغيره من الشعراء. أما المعارضة أو المحاكاة الروائية فهي غير شائعة في الأدب العربي، ربما يذكر البعض أن الروائي الكولومبي جابريل جارثيا ماركيز كتب «ذاكرة عاهراتي الحزينات» تأثرًا ومحاكاة لرواية الياباني كاواباتا «في منزل الجميلات النائمات». ولكن لم نعرف في أدبنا العربي الحديث فكرة المعارضة الروائية على هذا النحو.
ذلك أنه في هذه التجارب يبقى التحدي صعبًا والمقارنة واردة دائمًا بين الأصل القديم والنص الجديد، ويثور تساؤل ما الجديد الذي سيضيفه الكاتب اللاحق على السابق؟! وربما كان من المألوف أو المعتاد أن يكتب الروائيون عن شخصيات تاريخية أو أدبية أو ثقافية، يستحضرونها في كتابتهم ويقيمون عليها عالمهم الخاص، مستفيدين بما يعرفون من معلومات تاريخية عن هذه الشخصيات، على نحو ما فعل طلال فيصل في رواية «سرور» أو«بليغ» وغيرها.
ما الذي يحدث لو اقتبس الكاتب شخصية من رواية، وبث فيها الروح، وخلق لها عالمًا جديدًا؟ هذا رهان جديد في الفكرة والأسلوب والتنفيذ، هل يمكن للكاتب أن يعيد خلق وبناء شخصية أخرى، بل إحيائها من جديد ووضعها في زمنٍ غير الزمان ومكان غير المكان الذي كانت فيه؟!
هذا ما يفعله هنا عمرو العادلي باقتدار، منطلقًا من المشهد الأخير الذي ترك كنفاني أبطاله فيه وقد أوشكوا أن يفارقوا الحياة في الخزان، لينتشل واحدًا منهم، هو الشاب مروان الذي يبدو أكثرهم قدرة على مواجهة صعاب هذه الحياة، لينجو فجأة ويخوض حياة جديدة، ويكتب له عمر جديد وتجربة مختلفة.
يكتب لمروان النجاة من الموت الأول في الخزان تاركًا رفيقيه أبو قيس وأسعد، ولكن يبدو أن الموت يطارده في كل مكان، تتغيَّر الظروف والأحوال بل ينجح في الوصول إلى مصر بالفعل مع منصور السائق المصري، ويتعرَّف هناك على مريم التي تبدو حلمًا بعيد المنال، ولكن الظروف تتغيَّر عليه مرة أخرى ويصبح الموت على بعد أمتار منه من جديد!
...............
............... مقالي عنها على إضاءات
****