اقتباسات من رواية حكاية فخراني

ما نمت مُذ خاضوا في نسبي ورموني أني غير نقي الدم رحمتك السماء يا أمي، كأني أسمعك تقولين وقد راجعتك في هجرتك وأنا في بطنك جنين، وزوجك «ربيعة بن حرام» ليس بأبي، قلتِ يا كريمة المنشأ والعنصر: إنك يا بني أكرم منهم نسبا ، أنت ابن بناة الكعبة.

تلفه لحية كثة يغزوها شيب لا يكاد يترك أثرا لسواد شباب، شاب حزنا على ما آل إليه بيت الله، أقنى الأنف، أدعج. هل اكتحل بغير مكحلة؟ عريض الجبهة، واسع ما بين المنكبين،

استمرت سيادة الخزاعيين قرنين، حتى جاء «قُصي بن كلاب» جد النبي ﷺ، فهيمنت به قريش على الأمور ‏ ‫ من فرط الإعياء نمت ثانية، وسِفرٌ عن تاريخ مكة بين يدي، فرأيت فيما يرى المُضنى من فرط وَجْدٍ لا يجِدُ منبعَه، قصي بن كلام قمري الوجه.

تُحيي إذا قتلت باللحـظِ، منطقـها كـأنها عندما تُــحيي به موسـى‏

‫أُسقُفـةٌ من بنـات الــروم عاطلـةٌ تـرى عليها من الأنـوار ناموسا‏

شيخي الجليل أبي بكر بن خلف كبير فقهاء أشبيلية، قرأت عليه القرآن الكريم بالسبع في كتاب الكافي بعدها ما أخذت علما إلا من صاحبه، ولا استشرفت حالًا إلا من أهله، فتعدد المعلمون كما جاء في رسالتي «القدس» وكما قلت لك: وجدتني أنزح للخلوة و الانعزال.

إنسانٌ تصرفاته محدودة، وأنفاسه عليه معدودة، عليه رَقِيبٌ عَتِيدٌ وسائِقٌ وشَهِيدٌ قلت في نفسي: لم يزل الآدميُّ مذ خلقه الله في التوكيل، وشرع له أن يقول: ﴿ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ﴾، لينقلب بنعمة من الله ورضوان إلى دار الحيوان، لم يمسسه سوء و لا بؤس.

أمي فاطمة تلك التي هي عذراء هيفاء، شيخة الحرمين، تُقَيِدُ النظرَ، من العابدات السائحات الزاهدات وكنت كلما وقفت بين يديها، احمرّ وجهي حياء وأنا صغير، فكنت أُحس بهالة سماوية تُحيط وجهها المريح القسمات، كأنها وهي في تلك السن الطاعنة،

لو اكتفيت بالغوص في آفاق الفاتحة كَفَتْك، وأَعْلَتْ قَدْرَك.‏

‫ ـ يا أم، إن كلامك سكن قلبي، لكن من العلماء من ينكر تذوقنا للحروف.‏

بتلك الباء ظهر الوجود، وبالنقطة أسفلها تميز العابد من المعبود يا ولدي، قيل للشِبلي رضي الله عنه: أنت الشبلي؟ فقال: أنا النقطة التي تحت الباء.‏ ‫ ـ إذن النقطة تحت الباء للتمييز.‏ ‫ ـ صدقت، الباء مصاحبة للموجودات من حضرة الحق

يا ولدي، ما تقول فيما أقول؟‏ ‫ ـ يا أمي، القول قولك ‫ ـ أما أنا، فإني والله متعجبة ‫ ـ ومن أين العجب يا أمي؟‏ ‫ ـ لقد أعطاني حبيبي فاتحة الكتاب تخدمني، فو الله ما شغلتني عنه.‏ ‫

تحسبها بنت أربع عشرة سنة من نعمتها ولطافتها وكان لها مع الله حال، وكانت تؤثرني على كل من يخدمها من أمثالي، وتقول «ما رأيت مثل فلان، إذا دخل عليّ دخل بكله، لا يترك منه خارجا عني شيئا، وإذا خرج من

هل حدثتك عن أمي الروحية الوليّة فاطمة بنت المثنّى القرطبية؟ المرأة البهية الجميلة، والشيخة الجليلة، والمربية الرائعة، عليها رحمة ربي ورضاؤه؟ فمنها أخذت أول بيعات الطريق خدمتها سنين، وهي تزيد في وقت خدمتي إياها على خمس وتسعين سنة وجدتها من المحبات العارفات في إشبيلية.

رحل حزنا لوفاة ولديه في حياته، والد زين، ثم النقيب نور الدين المهدي الذي قتلته دانة مدفع دبابة جسر الرئيس الأميركي، ولم يكن بوسع القلب متسع ليعبر فوق جسرٍ للمحبة دون ثأر.‏

بينما العدو كما قالت لنا صحافتنا مثخنٌ بالجروح، وقاب قوسين أو أدنى من انهيار تام مفتوح على أجمل أمنيات التوقعات؟ ولا مفتوحة غير سوقنا لكل البضائع الترفيهية والكمالية مصر لم تعد التي نعرفها.‏ ‫ غار نيكسون، ومات المعلم «محيي الدين المهدي

الدم لم يزل ساخنا، ونارٌ بالصدور، ونثرنا على القاتل الورود. أيّةُ أمة تلك التي تستقبل قاتل أبنائها بغير الرصاص؟ سارت العرباتُ بين حشودٍ تحمل الزهور. قال نيكسون: «إن الشعب المصري انتظم كحديقة حول سيارته المكشوفة».. هل قصد حديقة حيوانات؟‏

في شوارع مدينة لا تزال رغم أفراح النصر، تلملم سرادقات العزاء في أجمل بشرٍ عرفتهم مصر، شباب صبروا فعبروا وقضوا نحبهم في صمت ‏ ‫ قال الفقراء: «إن نيكسون وصل قبل قافلة صدقات المعونة الأميركية، قافلة طولها ما بين نيويورك و بورسعيد » ألم يقتل الأمريكي أهلنا في بورسعيد؟

فمـا مــن كـاتب إلا سيفـنى ويبقى الدهـرَ ما كتبت يـداه‏

‫فـلا تكتب بخطِك غير شيء يسُرّك، يـوم بعثك، أن تـراه‏

يُمعن البشر في تقسيم البشر وتصنيفهم، وإطلاق الصفات بعمومها، الحسنة وقت التصالح والنسب والتجارة والسمر، والفاحشة جدًّا عند أول بادرة خصام واختلاف ينظرون إليك وعيونهم غير بصيرة، وعوراء قلوبهم وقلبه مفتوحٌ على بيوت طينٍ يحنو عليها نيلٌ، مطلة على مئذنة متداعية و بسطة سمر،

طموحات الحُكام تُدمن ركوب ظهور المحكومين خاصة البسطاء، أولئك الذين لا يعنيهم من يسكن القلعة و لا من راح و جاء.

من أسيوط بالمخطوط، جاء فخرانيٌ طيبٌ، حفِظَ كتابَ الله قبل سنين وهو ابنُ سبعِ سنين، وفي ليلةٍ لله ذُبح فيها عجلٌ منذورٌ، وأحياها كبار قراء الصعيد ومدّاحوه أرهق أبوه نفسه وهو يتمايل مع الإنشاد يمنة ويسرة، فسقط من فرط لحم سمين و لم ينهض.