اقتباسات من رواية خمارة جبرا

لم تكن عيناه تتوقّفان عن الإصغاء لموسيقى قادمة من وراء دهره، وكان يسمع بعينيه، وكانت تُصغي إلى نظراته بعينيها، وكأنها تتكلّم؛ لتنهض، وتُعيد ترتيب فراش سريره، وبعدها تتقدّم بخطوات قصيرة، حاملة صحن الحساء، وملعقة مُفضّضة؛لتقول كل بربك

وقد أقسم لها أنه في هذه اللحظة زاهد كما شتلة حبق، وأقسمت أنها في هذه اللحظة بكر كما تراب، لم يُحرَث.

بكى جبرا، كمَنْ لم يعرف البكاء من قبل، فقد صَبّ مدّخرات دموعه فوق راحتيه دفعة واحدة، وكانت زمرّدة تتأمّله، وهي تتساءل إن كان: ‫ - نعم، أحببتكِ من اللحظة التي رأيتكِ فيها ‫ ولِمَ لمْ تقلها؟ ‫ - كي أختبر الموت

- أنت تحبّين الأبراج المنتصبة، قال لها.

‫ - برجكَ وحده المنتصب، أجابتْه والكحل الاسود يُثقل جفنيها، وامتدّت يدها تداعبه.

ظنَّ جاد الحقّ جاد الله أن ليس هنالك شياطين، وأن ليس للأبالسة وجود حقيقي، واستخلص أن خيالات الإنسان هي شيطانه، وأنّه سجين شيطانه هذا، وكان يسعى لقصقصة أجنحة خياله، أو الحدّ من تدفّقه، فالواقعية هي أن تتلمّس الأشياء، وأن تكون في متناول يدك

أنَّ السلطة كالمرأة في المجتمع الذُّكُوري، لايتزوّجها شرعاً اثنان، وعليك أن تخطو:"نعم، إنَّ فتىً بموهبتك قادرٌ على اجتياح السلطة، وبوسعك أن تتزوّجها… سنة، سنتان، وستكون وزير إعلامها.. كنْ بعثياً، وامنحها نفسك.. تزوّج السُّلطة".

هي الذاكرة، إذنْ؟ منطادٌ كبيرٌ يرفعك بهدوء وبطء؛ لتتجوّل مُطلاً على ساحات عمرك.

مغادراً الغرفة، مطروداً من شياطين بنات، يُقبِلنَ على الطمث، مفتتحات للتناسل أبواباً، لا تلبث أن تحمل أجنّتها لمُدُن محروسة بالتكاثر الأزلي الذي لم تنقطع عنه البشرية.

والمرأة، عليك أن تعترف بأنك أسيرها، هي تعلم أنك مغلول إليها، ومع ذلك، عليك أن تخشخش أغلالك في أذنيها؛ لأنها ترقص على خشخشات أغلالك.

ولابد أن اليائسين هم أكثر الناس تفريطاً بخصوصياتهم، وبما تجول به أخيلتهم، لا لسبب ما، وإنما لانعدام حوافز الحفاظ على أي شيء، فالغارق سيكون بمأمن من الخوف من البَلل.

فالسماء هطلت أحزاناً رهيبة في قلب هذا الشاب المتعب، والأسئلة المتّصلة بالحُبّ، لابد وأنها تعني كشفاً على القلب في عملية، ستقود إلى مضاعفة آلامه، قال عزرا لجوزيف:

هي هكذا قصص الحُبّ، عاصفة تحدث للمرء مرّة واحدة، تدمّر ما فيه؛ ليعيش ما تبقّى من حياته، وهو يرتّب خرابه.