"أكثر ما يبقى في ذاكرتك عن تشرنوبل هو الحياة "بعد كل ما حدث": حاجيات من دون إنسان، منظر طبيعي من دون إنسان. الطريق لا يصل إلى أي مكان، الأسلاك ممتدة ليس إلى مكان. لا، نعم وتفكّر، ما هذا –ماضٍ أم حاضر؟
-يُهيأ لي أحيانَا أنني أُسجل المستقبل.."
• يوم السبت، 24 نيسان/أبريل 1986، مدينة تشرنوبل، الاتحاد السوفييتي.
• انفجر القسم الرابع من مفاعل محطة تشرنوبل النووية.
• تراكم الأخطاء وقلة خبرة العاملين بالمفاعل أدت إلى انفجاره.
• أكبر في التسرّب الإشعاعي والتلوث البيئي شهدتها البشرية حتى الآن.
• مدن منكوبة، تهجير سكان القرى، آلاف الضحايا الذين لقوا مصرعهم في محاولة درء آثار هذه الكارثة، آلاف المرضى بالسرطانات، والمواليد المشوّهين خلقيًا.
---------------
في هذا الكتاب، نرى الكارثة في عيون مئات الشهود: زوجات رجال الإطفاء الذين شاركوا في إخماد حريق المفاعل، سكان القرى المجّرة، مدرسّون، مؤرخون، فيزيائيون، مزارعون، جنود، جدّات، أطفال رؤساء لجان، مصّورون.. نرى الآلام والصدمات والكوارث وشهادات أناس رأوا بعيونهم ماذا حدث!
---------------
يطلبون من الناس أن يحاربوا وينتصروا –كما انتصرنا على الألمان النازيين-!
يحاربون من؟ ينتصرون على من؟
على الإشعاعات؟ على البيكرل؟ على الكيوري؟ على الرونتجن؟
هم حتى لا يعرفون ما هذه الأسماء وعلى ماذا تدل!
---------------
نرى حجم هذه الكارثة، نرى خداع السلطات وكذبها، ونرى المصائب واللعنات التي حلّت بكل من عمل على درء آثار الكارثة! شيء لم يكن يومًا في حسبان الناس ولا حتى في خيالهم، شيء لم يعرفوه يومًا، لم يقرؤوا عنه، لم يتعلّموه! بلا سابق إنذار، وفي لحظة ما، تغيّرت حياة ملايين البشر، تغيّر وجه العالم بعد تشرنوبل، انفجر تشرنوبل وانفجرت معه الشيوعية والاتحاد السوفييتي.
---------------
ألم شديد خلّفه هذا الكتاب في نفسي، وشعور طاغٍ بالحنق، على من؟ لست أدري! هل على العلماء؟ أم على العلم؟ أم على التخاذل؟
---------------
في بيتنا يوجد لوحة صغيرة أحضرها والدي من بيلاروسيا، وكما نعلم بأن بيلاروسيا من أكثر البلدان السوفييتية تضررًا بكارثة تشرنوبل-، حين أنظر للوحة الجميلة التي تصوّر غابةً خضراء ونهرًا صغيرًا، أسائل؛ هل يا ترى تكون هذه الغابة الجميلة مُشعّة! هل تكون ثمارها سامة ويكون نهرها ملوثًا؟!
آهٍ يا أرضنا المسكينة كم دمرناكِ!
-------------
الكاتبة والصحفية سفيتلانا ألكسدروفنا أليكسييفيتش، تستحق من الجميع كل التحية والإكبار على جهودها الجبارة في جعل العالم يرى الكارثة من وجهة نظر من شهدوا عليها.