صلاة تشرنوبل > مراجعات كتاب صلاة تشرنوبل > مراجعة Sima Hattab

صلاة تشرنوبل - سفيتلانا أليكسييفيتش
أبلغوني عند توفره

صلاة تشرنوبل

تأليف (تأليف) 4.4
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

اسم الكتاب: صلاة تشرنوبل

اسم الكاتب: سفيتلانا أليكسييفيتش

عدد صفحاتها:409

تقييمي:5/4

لماذا نحاول استرجاع ما مضى؟ فهل الزمن سيعود حقاً قبل تشرنوبل؟ إن تشرنوبل ألغت زمناً وعمراً كاملاً لمن كان هناك، أنهت حياة اناس وحيوانات بالكامل لتخلق زمناً جديداً مليئاً بالويلات والدمار والمرض والموت والوجع والحزن، مليئاً بالذكريات التي قد تُنسى بفعل الاشعاع وقد لا تُنسى بفعل قساوتها وكبر حجم الألم بها. تشرنوبل خلقت زمناً يتساءل فيه المرء "لماذا الحب والموت قريبين هكذا؟ يأتيان دوماً معاً.

في أحيان كثيرة قد تكون الحرب أرحم من أمور أخرى نواجهها في حياتنا ففي تشرنوبل لم تنته الحرب حتى بدأت احداث الكارثة تلك الكارثة التي دفنت أوراقها جميعها وبترت الأرض ودفنت الأرض داخل الأرض حتى الحطب والعشب، دفنوا كل شيء، طمروا كل شيء حتى الحيوانات قتلوها رمياً بالرصاص، هجّروا الناس من بيوتهم تركوا بيوتهم على أمل أنهم عائدون إليها هم لا يعلمون لم تركوها وأُبعدوا عنها، تركوا لافتات على بيوتهم تخبر الناس انهم عائدون إلى بيوتهم فلا يعبثوا بها.لم يخبروهم أي شيءعن الكارثة واختفت حقائقها واختفت الوثائق بحجة أنها تلفت من حجم الاشعاعات وهناك من يقول أنه تم اخفاؤها عمداً حتى لا يتم معرفةالأسباب وراء هذه الكارثة، فلم يبق سوى شهادات اشخاص عايشوا تشرنوبل ليرووا لنا المآسي والويلات التي رأوها والتي خُدعوا بها عندما لم يخبروهم حقيقة الأمر.

وقع انفجار تشرنوبل في 26/4/1986 حصل انفجارين كبيرين أعقبهما اشتعال النيران في المفاعل الأمر الذي أدى إلى تسرب اشعاعي كبير في المنطقة وتلوث المنطقة بنسبة كبيرة من الاشعاع حيث غطى الاشعاع البيوت والمياه والآبار والمزارع كلها تغطت بطبقة بيضاء لم يعرف أحد ما هي الامر الذي أدى إلى وفاة العديد من الأشخاص والعاملين ورجال الاطفاء ونفوق العديد من الحيوانات وصدور الأمر بتهجير جميع السكان إلى مناطق أخرى.

"ليلة 26 ابريل عام 1986 انتقلنا خلال ليلة واحدة إلى مكان آخر في التاريخ. قفزة قفزناها نحو واقع جديد بدا هذا الواقع متجاوزاً ليس لمعرفتنا فحسب، إنما لخيالنا أيضاً لنقطع وصال الزمن.................. في مكان ما اتخذ القادة قرارات، كتبوا تعليمات سرية، أمروا طائرات هليوكبتر ان تحلق في السماء، أطلقوا أعداد ضخمة من المركبات..............ز لم يعثروا على كلمات تناسب الأحاسيس الجديدة فشلوا في التعبير عنها"

من هنا نعلم أن هناك أحاسيس ومشاعر لا يمكن التعبير عنها فلقد تغير كل شيء بعد تشرنوبل شهادات الناس التي كتبت بهذا الكتاب كانت لأناس عايشوا هذه التجربة تلمس من خلال شهاداتهم أنهم لم يكونوا ليدركو حجم الكارثة التي حصلت وآثارها الا الآن بعد انتهاء الكارثة فواحدة من الشهادات تلك التي كانت لزوجة رجل الاطفاء التي كانت تطبيقاً حياً للقرارات التي اتخذها القادة والتعليمات السرية التي اتبعوها فقد تم استدعاء رجال الاطفاء لاطفاء الحريق الذي حصل في المفاعل دون أخذ الاحتياطيات الواجبة لهم لمواجهة هذا الحريق فقد اعتبروه حريقاً عادياً إلاّ أنهم تشبعوا بالاشعاع دون أن يعلموا عن ذلك تشبعت اجسادهم بكميات هائلة من الاشعاع تفوق ما يحتمله الجسد البشري وتعرضوا لحروق كبيرة الأمر الذي أدى إلى نقلهم إلى موسكو للعلاج وبسرية تامة دون إعلام زوجاتهم وأهلهم، لقد ماتوا على اسرة المستشفى وذوت اجسادهم وذابت وتحللت وهم على قيد الحياة نتيجة الاشعاع الذي تعرضوا له تقرحت اجسادهم وخرجت عظامهم وذاب اللحم والجلد عن العظم وهم على قيد الحياة عايشوا موتهم لحظة بلحظة، وعند وفاتهم تم دفنهم بتوابيت من الزنك وفي قبور اسمنتية لكميةالاشعاع الهائلة في اجسادهم دون وجود ذويهم وعائلاتهم لوداعهم.

ان تشرنوبل لم يسمم الأرض والماء فحسب فقد سمم كل من حوله، حتى أرواح الناس وأجسادها. كان على الكاتبة في كتابها هذا ان تسابق الزمن في الحصول على الشهادات من اصحابها لتقوم بكتابتها ونشرها لان الموت قد خطف غالبية من عايشوا تشرنوبل، إن عالم هؤلاء الاشخاص أصبح مختلفاً، "عالم بحقوق جديدة للحياة، عالم بمسؤوليات مختلفة وعالم بإحساس جديد بالذنب. في قصصهم الزمن دائم الحضور لا يغيب قالوا"لأول مرة" "آخر مرة" "إلى الأبد""

أشارت الكاتبة في بحثها وتقصيها عن تشرنوبل أنه لا زال لغزاً حيّر الكثيرين لأنه كارثة للوعي مزق عالم المفاهيم وعالم القيم لدى البشرية والانسانية جمعاء. لقد تجردوا من انسانيتهم قادة الموقف عندما زجوا بالجيوش الى تشرنوبل ورجال الاطفاء وقادة المركبات وطائرات الهليوكبتر دون إبلاغهم بخطورة الموقف والوضع وما الاضرار التي سيتعرضون لها وكمية الاشعاع التي ستتشبع بها أجسادهم والتي سيعانون منها لاحقاً بأمراض وموت محقق وفقدان للذاكرة وأورام سرطانية وقد ينقلون هذا الاشعاع لعائلاتهم فيتسببون بموت احبائهم دون معرفتهم، هنا نعلم كم أن الانسان رخيص وكم أصبحت حياته بلا قيمة .

استطاعت الكاتب ان تنقل للقارىء مشاعر الاشخاص الذين عايشوا الكارثة وكيف تغير بهم الزمن الفزمن لم يعد الزمن اصبح هناك زمناً جديداً ما بعد تشرنوبل. الرواية بتفاصيلها وشهاداتها موجعة لما تحمله من وصف للألم والحزن والموت والدمار حتى لأنك تشعر أنك غير قادر على استيعاب المشهد

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق