من السهل أن تقرأ لديستويفسكي ، لكن من الصعب أن تكتب كل ما يعتلج نفسك من أسئلة و خواطر بعد أن تنتهي من قراءة أدبه. كل ما تناولت فكرة لتطرحها ، راودتك فكرة آخرى. ولن تنتهي من الأثر الفكري المضاف لك من أدبه.
فعلاً هذه الرواية غريبة بحبكتها و شخصيتها المصابة بجنونة العظمة و في نفس الوقت الوضيعة ذو النزعة الفردية التي تذكرنا بأمثال نيتشه ذو الفلسفة التشاؤمية التي كانت تمثل التيار الأوربي في القرن التاسع عشر.
هذا الكتاب ينقسم إلى قسمين : القسم الأول عبارة عن مونولوج صعب الفهم و القراءة ( بالنسبة لي ) و القسم الثاني عبارة ترجمة حية لفلسفة القسم الأول من الرواية.
بشكل عام حورات الرواية جميلة جداً جداً
مقتطفات :
1- إذا كانت المدنية تهذب نفسية الفرد وتجعل من أفعاله أكثر حضارة ورقياً، بماذا يمكن تفسير هذه الأنهار من الدماء؟ هذا السفك أصبح نوعاً من اللذة. إذا لم تكن المدنية قد جعلت الإنسان أشد تعطشاً للدم، فمما لا شك فيه أنها جعلت تعطشه إلى الدم أحقر وأجبن.
2- لم أزد في حياتي على أن مضيت إلى الحد الأقصى بما لم تجرؤا أنتم على أن تمضوا به ولو إلى منتصف الطريق، مطلقين على الجبن اسم الحكمة، معزين أنفسكم على هذا النحو بأكاذيب. نحن جميعاً فقدنا عادة الحياة لأننا جميعاً نشعر تجاه الحياة الواقعية، تجاه الحياة الحية، بما يشبه أن يكون اشمئزازاً، وذلكم هو السبب في أننا لا نحب أن يذكرنا بها أحد، وقد وصلنا في هذا الطريق إلى حيث صرنا نُعد الحياة الواقعية، الحياة الحية، محنة أليمة أو جهداً شاقاً. ألا أنعموا النظر! نحن اليوم لا نعرف حتى أين هي الحياة وما هي وما صفتها. فيكفي أن نُترك وشأننا، يكفي أن تسحب الكتب من بين أيدينا حتى نرتبك فوراً، وحتى تختلط علينا جميع الأمور، فإذا نحن لا ندري أين نسير وكيف نتجه وماذا يجب أن نحب وأن نكره، وماذا يجب أن نحترم أو نحتقر. حتى أنه ليشق علينا أن نكون بشراً، بشراً يملكون أجساداً هي لهم حقاً، أجساداً تجري فيها دماء!