عندما تكون المسافة بين الرحيل والعودة مسافة لا تمرٰ على الوطن ، تستثنيه وتقصيه فتمر على ما عداه ، تمر على الذين ارتحلوا وهم يبررون بعض أسباب الرحيل ، ثم هاهم يعودون إلى الوطن مدفوعين بكل الأسباب التي لا يستطيعون تبريرها ، تجتذبهم الأوجاع التي فرّوا منها بقدر ما ينفرون من النعيم الذي تطلعوا للوصول إليه.
من الكتب التي أبدعت في تصوير الهجرة وأسبابها ـ ثم نتائجها وأحوالها وأخيرًا عواقبها ، وعامة أنا من المعجبين بأفكار الطاهر في مؤلفاته ومأخذي الوحيد عليه هو استفاضته دائمًا في الجوانب الجنسية وحشوها وتصويرها المشين أخلاقيًا حين يكتب ، حتى حين لا تستدعي الضرورة وهذا برأيي كقارئة ، ناقش الطاهر مجموعة من القضايا في " أن ترحل " من بينها :
- العصابات التي تتاجر بالإنسان حين تساعده على الهجرة الغير شرعية بأساليب غير شرعية تودي بحياته وأحلامه في آنِ معًا.
- الشذوذ الجنسي كظاهرة في المغرب العربي ، وممارسة الدعارة من قِبل الفتيات لكسب الرزق.
- ما تُسفر عنه الهجرة الشرعية من سلبيات التواجد في ظلال البلد الذي تتم الهجرة إليه وبالتالي ممارسة الأعمال الغير منظمة أو الغير شرعية.
- حلم الرحيل حينما يكون بوابة النجاة من براثن البلد التي يضيق الخناق على أحلام أفراده ، فيحلم بالرحيل الأطفال والشباب والأمهات لهثًا وراء أبنائهم.
ولا أنسى أنه تطرق للجانب النفسي لكل أولئكِ مثل كنزة الفتاة الشابة المغربية التي ضغطت عليها العادات بضرورة الزواج ، وقد سبقت البغاء ، فتجد أنها مدفوعة في هجرتها بالبحث أيضًا عن رجل يحقق أحلامها فيما سبق بالإضافة إلى الحب ، لتتعلق بأول رجلٍ تجده في طريقها دون أن تعرف عنه أي شيء.