بجلبابها الواسع الملوَّن، كانت تقف كل صباحٍ تبيع "البقدونس" الطازج، تحمله من تلك القرية التي تبعد عن مدينتنا ساعة أو يزيد، لتبيعه أسفل شرفتي.
ليس للجمال هنا مقاييس محددة أو تعريف واضح، هي جميلة بلا مقاييس ولا تعاريف، بشرتها السمراء اللامعة النابضة بالحياة وسحر الصبا، قوامها المنحوت الممتلء قليلاً وصوتها العذب هم أصل الجمال وفروعه.
بصوتها العذب تنادي (خضرة، خضرة) فتذوب القلوب، وتتابعها العيون وهي بدلالٍ لا تهتم، يدور حولها الشباب في صمت، ولا يجرؤ أحدهم على الاقتراب، وبمرور الأيام تزداد إشراقًا وسحرًا، وتكثر حولها القلوب الملهوفة.
......
صباح..
من (شارع البركـة)
أيس كريم بالكراميل > اقتباسات من كتاب أيس كريم بالكراميل
اقتباسات من كتاب أيس كريم بالكراميل
اقتباسات ومقتطفات من كتاب أيس كريم بالكراميل أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الكتاب.
أيس كريم بالكراميل
اقتباسات
-
مشاركة من إبراهيم عادل
-
عند تمام العاشرة وصلت .. تبدو في فستانها الحريري الأحمر أصغر سنًا وأكثر حيوية .. تعلو ضحكاتها وهي تصافح الجميع بدو، وتبدو تمامًا كامرأةٍ سعيدة. منذ سنواتٍ وهي تقاوم، ترفض السقوط ترفض الاعتراف بالهزيمة، ملامحها الرقيقة تخفي سنوات عمرها، وعيناها تدربتا على الكذب لسنوات، حتى اكتسبتا المهارة الكافية لادعاء السعادة بثبات.
.. من الصعب الليلة ـ وهي بهذا الفستان الملتصق عند الخصر والمنسدل من بعده، وبهذا الوجه الرقيق والعيني الكاذبتين ـ أن تعرف أو تفهم أو تتخطى الهالة حولها، أو تفطن لشيءٍ من غموضها، هي الليلة واضحة جدًا، واضحة وضوح كاذب، تمامًا كاللون الأحمر.
تصافحهم ببرودٍ مصطنع، وبأحاديث فارغة.. تتجاذب معهم أطراف الحديث، وبينها وبينهم خيوطٌ وهمية تربطها بهم رغمًا عنها، تتفكك روحها إلى أجزاء، حين تتذكر خيبات أملها المتكررة معهم .. تسحب أنفاسها بصعوبة، تقاوم نوبة بكاء تجتاحها فجأة، ويخطر لها أن تتحرر.
تفكِّر أنه ربما آن الأوان لتولد من جديد، طفلة نقية على الفطرة.. الطفولة لا تعرف الذكريات، ولا تعرف خيبات الأمل .. الطفولة لا تعترف بغضبٍ مكتومٍ مدخر داخل الجسد، أجساد الأطفال وقلوبهم نظيفة، والفطرة شيءٌ نقيٌ بداخلنا ينتظر أن يتحرر.
هذه الخيوط التي تربطها بهم تمدها برصيدٍ من الغضب والذكريات المرتبكة، ويروق
لها أن تقطع تلك الخيوط وإلى الأبد، لتحرر نفسها .. لتعفُ إذًا اليوم وتصفح عن كل ما مضى، وكل من مضوا .. ولتحتفظ بجسدها نقيًا من الغضب والكره والألم .. ولتتحرر
........
الفستان الأحمر
مشاركة من إبراهيم عادل -
تضحك عيونها وهي تتذكره، يمتلئ جسدها النحيل المتعب بالحيوية وهي تحكي يوم رأته للمرة الأولى، تتنهد تنهيدة راحة وتحكي عن ذلك اليوم، حين كانت في عامها الرابع عشر .. تقول: كان يوم جمعة، وكان أحد أصدقاء أبي مدعوًا للغذاء عندنا، ومعه الرجال من القرية المجاورة، لعقد جلسة صلح على أرضٍ تقع بين القريتين.
منذ شروق الشمس بدأت أمي الاستعداد .. ذبحت البط والحمام، ووقفت أنا والخالة "أم علي" نساعدها في نتف الريش وتقطيع البصل وتنظيف الأرز .
بعد صلاة الجمعة وصل الضيوف، وكان أبي بصحبتهم، أحدث وصولهم جلبة كبيرة أثارت فضولي، فتسللت إلى الشرفة الشرقية ووقفت خلف الحائط أراقبهم، وقلبي يرتجف خوفًا من أن يراني أ[ي فيكسر رقبتي، ومن بين كل الحضور، خطف هو قلبي، بملامحه الطيبة وعينيه العسليتين وشعره الأسود الفاحم، فدعوت الله أن يجعله من نصيبي، وبيني وبين ربي عمار.
............
من قصة التوب الأخضر
مشاركة من إبراهيم عادل
السابق | 1 | التالي |