هذه واحدة من أصدق التجارب الأدبية التي قرأتها في حياتي، وبشكل شخصي، هي أيضاً من أقرب الشخصيات الروائية إلى قلبي. وجيه غالي، عازف الظل الغير معروف؛ حتى المعلومات التي تناثرت عنه، مجرد تكهنات، يكتب رواية يؤكد كل من قرأها أنه لم يكتب سوى نفسه، يتحدث عن مأساته الخاصة بكل صدق تماماً كالمصطلح الإنجليزي "plain-spoken"، يعرف تماماً الفرق بين الإدعاء _الّذي اتهم نفسه به أحياناً_ وبين الحقيقة التي ظل ينشدها في صديقه "فونت" ويحسده أحياناً عليها. وجيه، أو "رام" بطل الرواية على وجه الدقة، كان يحاول الإمساك بخيوط شخصيته في حياته الواقعية كما يحاول الروائي التحكم في واقعية ما يخطه قلمه، حتى التبس عليه الأمر _رام_ حينما امتزجت شخصيته الواقعية بخياله الروائي.
رام شخصية مُفككة، وُلد في وسط أرستقراطي متمسك بترفه حتى بعد ثورة يوليو .. يحاول رام توجيه مشاعره بشكل متسق مع أهل وأقارب أرستقراطيين، وثقافة المعتدي _بريطانيا_ الّذي تشبعها تماماً، والكم الهائل من الأدب الّذي قرأه، وصديقه الأقرب فونت الأكثر إخلاصاً وصدقاً منه، وحبيبته اليهودية "إدنا" الّتي كان ينشد دائماً مثاليتها، ووسط كل هذا وذاك إدراكه لنفسه ووعيه بذاته الحقيقية.
ترجمة الشاعرة الرائعة "إيمان مرسال" و"ريم الريّس" ترجمة ممتازة جداً لنص جميل يحتاج أن يُنقل بنفس شاعريته.