ليس من السهل و لا من العدل أن أكتب مقالا يحمل في طيّاته أحكاما أو آراءا عن رواية كتبتها؛ و لكنني سأحاول وصف تجربتي في إنجاز هذا الكتاب بصفة عامة بطريقة موضوعية و حيادية. بدأت كتابة هذه الحكاية حين سمعت القصة من جارة البطلة منذ أزل بعيد لا أذكر بالظبط متى و لكنني لم أكن ناضجة كفاية لأستطيع اسقاط الواقع عليها..ثم بعد ذلك رميتها في أحد أدراجي و وقتها لم يكن هناك لا حاسوب و لا حافظ الملفات..مرت السنون و تذبذبت بين مراحل حياتية متابينة الصعوبة حيث تعلمت الكثير و أصبحت أفرق بين الأضداد..تذكرت تلك الأوراق المبعثرة في درجي و حاولت ترتيبها و بشيء من النرفزة مزقتها بعد أن قرأتها..شعرت أنها لطفلة صغيرة جدا إذ كانت تحتوي على كلمات صبيانية، إلا أن الفكرة واضحة كالشمس و ذاكرتي لا تزال تحوي تلك المقابلة الشخصية مع جارة بطلة الرواية، و هكذا بدأت صياغتها من جديد و على الحاسوب الآلي.
بالنسبة للكتابة كفعل في ذات معناه فقد بدات منذ نعومة أظفاري مذ أن كنت في عقدي الأول و لطالما لاقيت كل التشجيع و المساندة..إلا أن اللمسة الأكاديمية لم تكن عندي و لم أتحصل عليها لظروف عديدة.
حين أنهيت كتابة الرواية طلبت المساعدة من بعض المختصين الذين تجدهم طوال اليوم على الفايسبوك إلا أنهم اعتذروا بدعوى أنهم لا يملكون وقتا!!!!!ثم بعد ذلك راسلت دارا للنشر و التي بدورها أجابتني بالرفض و نصحتني لكي أبحث عمن يساعدني كمدقق في تصحيح بعض الأخطاء و أنا بدوري طلبت منها المساعدة غير أن ايميل الرد لم يصل ليومنا هذا..
لم يساعدني على المراجعة إلا صديقة حميمة اسمها ايمان متخرجة من الجامعة ليسانس في الصحافة..لن أنسى ما حييت تلك الليالي الطوال و هي تحاول معي صبرا و بطيبة قلب كبيرة قراءة الصفحات و ابداء الآراء و تصحيح ما حاولت تصحيحه حتى أكملنا مراجعتها معا لذلك أشكر لها صنيعها.
المرحلة التالية و التي هي بديهية لا إشكال فيها هو التوجه إلى دور النشر بعد أن حوالت قدر المستطاع تنسيق الكتاب على شكل بي دي اف حتى أن صورة الغلاف اخترتها لوحدي كي اترك انطباعا جيدا لدى مسؤولي دور النشر التي كنت بصدد مراسلتها..و بالفعل راسلت الأولى فردت بالرفض و الثانية و الثالثة نفس الشيء و كانت هذه الدور الثلاثة جزائرية..ثم نصحتني صديقة لي عندها هي الأخرى تجربة مريرة في نشر روايتها التي لم يسمع بها أحد إلا القلة من الأصدقاء و العائلة و المعارف..نصحتني بمراسلة دور نشر عربية و بالفعل قمت بالمحاولة و بطبيعة الحال كلها ردت بالرفض ما عدا دارين لم تردا أبدا!!!!
حوالي تسعة دور للنشر كلها لم تتجاوب و لو بكلمة تشجيع صغيرة..أنا متأكدة من أن روايتي تحوي أخطاءا قد تكون كارثية لن أنكر هذا و انا متيقنة من أنها متجردة من البساطة و السهولة في كلماتها و هذا واضح و لكن أن تنجر شيئا خير من عدم الانجاز بالكلية و هذا فخري و اعتزازي.
لن أنسى دار نشر جزائرية كانت قد قبلت نشر الرواية و توزيعها على عاتقها بشرط أن أخذ بقشيشا .طبعا رفضت رفضا قاطعا فانا أفضل نشرها على النت مجانا على ان أخذ دينارا واحدا و يأخذ البارونات أموالا لا أعلم حتى كم هي قيمتها..
نصحتني صديقتي بان لا أياس و أحاول من جديد و لكنني رفضت محاولة استعطاف أولئك المصاغر الكبار و قررت أن ابقى ما حييت مع الصغار الأكابر الذين لا يجدون حرجا و لا تعنتا من أن يشاركوا بكتاباتهم من يحبونهم حقا و يشجعونهم من العائلة و الأصدقاء و المعارف..نحن من نكتب من أجل الانتشاء بلذة الكتابة و التمرّغ في شهيتها.. و بعض الكتاب الكبابرة على وزن الجبابرة و ظني بهم أنهم قلة و الحمد لله يكتبون من أجل حاجة في نفس يعقوب و التي أشدّها وضوحا هي ترسيخ مبادئ العلمنة و التحرر!!!!و هذا لمسته جليّا حين ردّت عليّ " كاتبة" من جنسهم بأن الرواية فيها شيء من التخلّف ؟؟
ربّما لأنّها تدعو بشكل من الأشكال إلى التوبة؟؟؟؟
أخيرا و ليس آخرا و بنشر روايتي على المواقع التي أنتمي اإليها أشعر بفرط السعادة ينتابني لأنني نجحت و لو كان نجاحا شكليا أو رمزيا لا يهمّ..المهمّ هو ان يسعى الانسان جاهدا من أجل تحقيق ما يحلم و تجسيد فكرة آمن بها و بامكانية استفادة الآخرين و نفعهم و لو بكلمة صادقة و الله لا يضيع أجر عامل..
و في النهاية أتمنى أن يستمتع الجميع بقراءتها و أن يجدوا العبرة في كلمة منها أو جملة أو سطرا فالقراءة تجربة شهية و متعة بالدرجة الاولى و الاخيرة حتى لو لم نجد ما يفيدنا.
تحياتي سهيلة سعدوني