اقتباسات من رواية مملكة الفراشة

احذري حبيبتي أن تحبي كاتبا حيا. الأموات لا يؤذون. الميت نغلفه بحضوره ونشتاقه في غيابه، ونقتله وقت ما نشاء بطلقة لغوية قاهرة أو بشهقة عميقة. أما الأحياء فيمكن أن يتحولوا إلى قتلة في ثانية واحدة وبلمسة من الأنانية يقلبون النور إلى ظلمة قاسية. إقرئي كتبهم ولا تذهبي نحوهم. سلطانهم هو سلطان الموت، فيلتبس بسرعة حبهم بكراهيتهم وتصبحين ليس أكثر من شخصية من ورق يعبثون بها كما يشاؤون في بياض بلا حدود، وحدهم يعرفون أسراره. لقد تعودوا على أن يتحكموا في المصائر الوهمية، وفي النهاية لا يشعرون بآلام الآخرين. احذري أن تتحولي إلى جزء من هذه المصائر. الكتاب الأحياء الذين تحبينهم، اقرئيهم بالهبل الذي تريدين، لكن ابتعدي عنهم قدر ما تستطيعين، وامنحي كتبهم لغيرك لكي لا تصابي بهم. إشراك الناس معك يخفف من تعلقك وخوفك. إذا حدث وأن أصبت بأحد منهم اغمضي عينيك بسرعة لكي تتفادي سحره، واهربي نحو خوفك، فهو يحميك، وإلا ستصابين بالعمى الكلي، إذ لن تلتفتي لغيره. ستبدو لك الكتب الأخرى ميتة ولا تثير قلبك وحواسك...

ليست الأرض هي القاسية. فنحن نصنع بها ما نشاء. مساحة أبهى من الجنة نحسد عليها، أو جهنم الوت المجاني. البشر والجهل هما السبب في كل شيء، في الخير والشر.

فرجينيا وولف تُقرأ في سحرها اللغوي الأنجليزي. لا لغة أخرى تستطيع فك ألغازها الغريبة. دون كيشوت لا شيء يرمي به نحو القلب إلا الاسبانية. ويظل سحر شهرزاد وطوق الحمامة ورسالة الغفران كيانات مغلقة، مكتومة في الأعماق، هاربة عمن لا يعرف العربية.

الحلم كان دائما منقذي أعيش به عندما تغلق في وجهي كل الأبواب القاسية ، أحاول أحيانا أن أطيل في عمر الحلم و أقصر من الكوابيس في لحظة غفوة تقع ما بين النوم و اليقظة ، و لكن الأمر لا يخضع دائما لارادتي و لمزاجي ، انجح قليلا ، و أخفق في أغلب الحالات

وحدها القراءة كانت مبرري للبقاء، أو ربما لإعطاء معنى للعزلة التي فرضت علي.

عفوية طفلة لسانها يسبقها دائماً، حتى إنها فكرت يوماً أن تشتري غراء وتلصقه بأسنانها لتتخلص من حركاته الأفعوانية التي أصبحت حرة أكثر مما يجب.

أعتقد أننا كلما امتلأنا كثيرا بمن نحب حدث حريق ما، في مكان ما، تصعب مراقبته من كثرة فيض العواطف

“الأصدقاء يجب أن لا يغيبوا نهائياً في مشاغل الحياة مثل النسمة الفجرية يجب أن تظل لكي نستمر في الحياة ونشعر أن ما يحيط بنا يستحق أن يُعاش”

مسرحيته لنا كل الموت لننام لم تكن إلا عتبتي الأولى نحو رياح عاصفة كانت ترميني أحيانا في بحيرات النور، وتغرقني في شلالاتها الناعمة، وفي أحيان أخرى تتحول إلى كتلة تشبه الغصة، تسد حلقي المجروح لدرجة منعي من التنفس. أتذكر إحساس لينين بالذعر والاختناق عندما انتهى من قراءة قصة تشيكوف قاعة 6 : لقد أصبت بالاختناق والرعب وأنا أقرأ قصتك.

تلك كانت خطواتي الأولى نحو تيه كبير لم أكن مهيأة له أبدا.

هتلر؟ هذا غول في هيئة بشر.‏

‫ ــــــ الذين وقفوا في وجهه لم يكونوا ملائكة. أحقادهم لم تكن أقلّ من جرائمه. يقتلوننا اليوم ويلصقون لنا التهم التي يشاؤونها. حكم الأقوى حبيبتي.‏

هذه البلاد تحتاج إلى قرن لتدرك أنّ الحروب غير نافعة.

لتستمرّ، عليك أن تحمل حقدًا لجهة من الجهات. وكأنّ البشريّة حصرت نفسها في مسلك واحد هو الحقد.‏

عادة لا أردّ على الأرقام المبهمة. نصيحة والدي. كان يقول لي دائمًا: الصديق لا يتخفّى.

الرماد ليس إلاّ رصيد الأحقاد الخفيّة والنائمة منذ زمن بعيد في الداخل، بعضها منّي والبعض الآخر موروث ليس من والديَّ فقط

في هذه البلاد وطنيّون كثيرون، يحبّون أرضهم السخيّة حتى الموت، لكنّهم يعيشون في الخفاء يا سيّدي خوفًا من الوضع الذي لم يرحم لا الصغير ولا الكبير، لا المدير ولا العامل، لا العاقل ولا المجنون، لا المرأة ولا الرجل.‏

الانتقام هو دائمًا أعنف من العنف ذاته.

الله منحنا حكمة مخبّأة في كلّ شيء، علينا أن نتقرّب منها ونحفرها طويلاً لمعرفة أسرارها الخفيّة. الأشياء لا تأتي هكذا، وإلاّ سيكون هذا العالم عبثيًّا ولا معنى له.‏

أجمل شيء أن تجعل من حبيبتك أمّك قبل أيّ شيء آخر.

البكاء على صدر من نحبّ يمتصّ الحرقة القاسية.

كان رايان هو جرحها الداخلي الذي لم تنسه طوال اليوم. أشعر كأنّه ظلّ، منذ انكسرت العائلة، مفتوح على آخره لغبار الخوف وأملاح الدهشة ونزف المخدوع، فصعب فهمه ورتقه.‏