ملاحظات من رواية دميان: شخصية سنكلير من صغره تدل على عقلية تتفكر فأدرك أنه يعيش في عالم النور وخارج بيته هناك عالم الشيطان ، وأنه لا يعرف أين موقعه في العالمين المتناقضين ، ومحاولته للدخول في عالم الشيطان جعلته يحن للرجوع إلى عالم النور ، هو باحث عن نفسه يضعها في غير مكانها ليختبر نفسه .
اتخاذه معلما ومثلا أعلى في شخصية "دميان "وهذا ما أخذته على الرواية أنه لا يجد استقرار نفسه ولا عقله إلا مع دميان محاولا الانسلاخ عنه لكنه يعود كأنه المنجي له وكأنه لا يستطيع العيش الا مع الذين مثله بعقليته وطريقة تفكيره فهو في الثامنة عشر وزملائه يرتادون الحانات وهو وحيد جدا. قد يكون سبب هذا أن "دميان" يمثل نفسه المتخفية في داخله عندما كان يبحث عنها وهي مكتملة بشخص دميان. قرأت أن هيسة خضع لجلسات علاج نفسي ومن بعدها كتب هذه الرواية وهذا بالطبع أثر بالرواية من خلال الألم والعذاب الداخلي وغربة النفس للبطل ووحدانيته وعدم انتمائه لشيء ، متوحد مع الشوارع وأحلامه الغريبة، وهذا له أثر أيضا عندما اتخذ شخصية دميان كالمخلص له من عذاباته وهكذا قد يكون هيسة رأى العلاج النفسي المخلص . مجرد توقعات .
أما الموسيقي فإنه الأجمل في الرواية ، أعجبتني شخصيته لأنه حقيقي وأعطى الرواية لمسة واقعية ، العجز والحلم والضعف موجودة في كل نفس محاولة للوصول إلى مصيرها .شخصية موسيقية أعطاها طباع حساسة ورقيقة وشخصية تأملية باحثة في ذاتها متخفية في شكوكها ، رائع.
كثيرون يكتبون روايات مشابهة لموضوع رواية دميان ، لكنني وجدتها أكثر رقيا وصدقا وفلسفة.
الرواية سهلة وعميقة لا تستطيع قراءتها قراءة عادية ، متسلسلة بدأت بمراحل مبكرة لعمر سنكلير مع نمو عقله بشكل مختصر ومكثف في نفس الوقت وهذا ما دفعني لإكمال قراءته وإن كانت pdf وأحببت أن يكون هناك المزيد منها لأنه جعلنا نعيش مع البطل في اختباراته الحياتية . مآخذي حب سنكلير لأم دميان "ايفا" التي معناها حواء ، لا أدري لم استطع تقبله ، ليس معقولا فحسب لكن ممكن جعل هذا ميزة الرواية ، أنها لا تحمل أفكارا عادية ، واعتبار ذلك حب يحمل فكرا ثوريا.
سنكلير من البداية من فكرته الصغيرة عن العالمين المتناقضين كان يبحث عن إله لعالم النور والشيطان ، وعن دين يقبل توحيد الجسد والروح ويعترف بالرغبات مثل صراع كونر زميله الذي لم يرى سبيلا لسمو روحه وصراعها مع رغباته فحاول الانتحار !، هذه الفكرة العامة!
وأخيرا كان انطباعي الأولي عليها :هيسة في رواية "دميان" يجعلك تلتفت أكثر للحاجات التي تستدعيها وتُلبي النداء والرسائل والإشارات التي من حولك كلها تخدمك للوصول إلى نفسك أو إلى مصيرك ! قد تكون هذه الرواية هي تلبية لحاجتي .
هيسه يجعلك تقرأ بأعماقك كأن قلبك هو الذي ينطق بالكلمات وتعيش في عالم بعيد عن عالمك تماما لتخرج وتسأل عن نفسك وتبحث أكثر . لا أرتاح للروايات التي تأسرني في البداية لأنها مع الوقت قد يخفت بريقها وتثبت لنفسي بأنه لا جدوى منها ، تصبح باهتة !