"ان احساسي بالذنب لا يتعدى كون أما حملت بي . انني محكوم علي بالعيش . انني مضظر الى أن أنتمي الى أمة , وأن أكون جنديا , وأن أقتل , وأن أدفع ضرائب على الأعتدة الحربية . والان في هذه اللحظة أعادني شعوري بذنب كوني حيا مرة اخرى الى ضرورة قتل الناس كما فعل بي في زمن الحرب . وهذه المرة أنا لا أشعر بأي اشمئزاز . لقد تكيفت مع الشعور بالذنب . ولا اعتراض لدي على أن يدمر هذا العالم المحتقن الأحمق عن اخره .ويسعدني أن أمد يد العون في ذلك ويسعدني أن أفنى معه . "
ذئب السهوب
نبذة عن الرواية
وضع المرآة الصغيرة أمام عيني (هنا خطر على بالي بيت شعر للأطفال: أيتها المرآة, أيتها المرآة في اليد. فرأيت, وإن كان بشكل غير واضح ومبهم, انعكاس كيان قلق, يعذب نفسه, يرزح ويضطرب من الداخل إنه أنا هاري هاللر. ومرة أخرى رأيت ذئب السهوب, ذئباً حيياً, جميلاً, منبهراً بعينين مذعورتين تنمان تارة عن الغضب وتارة عن حزن. وكان هذا المظهر للذئب يجري خلال الآخر في حركة مستمرة, كرافد يصب مياهه المضطربة وغير الصافية في نهر. وكان كل منهما يحاول في كفاح مرير وتوق حاد أن يلتهم الآخر لكي لا يهيمن مظهره. كم كانت حزينة حزناً يفوق الوصف النظرة التي رماها هذا الشكل البدائي المائع للذئب في عينيه الحييتين الجميلتين.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 1997
- 255 صفحة
- دار حوران للطباعة والنشر
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
أبلغوني عند توفرهاقتباسات من رواية ذئب السهوب
مشاركة من zinova
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
zinova
****
هي رواية مشهورة للاديب والشاعر الالماني "هرمان هسه" , الحائز على نوبل ... الرواية على شكل مذكرات عنونها صاحبها ب "مدونات هاري هللر ((للمجانين فقط))" والتي سيقدمها لنا احد الشخصيات التي كانت على مقربة منه , و هو ايضا قريب صاحبة البيت الذي كان البطل يأجره .
تتخذ الرواية اسلوبا شبيها بالذي سلكه دوستويفسكي بروايته "في قبوي" حيث الجزء الاول منها شبه خال من الاحداث فهو فقط يوثق حوارات البطل الداخلية وعاداته اليومية , اما الجزء الثاني فيمكن القول انه عرف سلسلة من الاحداث والتطورات غلب عليها طابع سرياليي وغريب , خاصة القسم الاخير منها.
البطل هو شخص مثقف سلك حياة العزلة والوحدة , حيث أجر شقة ب أحد منازل الطبقة المتوسطة "لأنني طالما كرهت ومقت ولعنت أكثر من أي شيء اخر هذه القناعة , هذه الصحة التامة والراحة , والتفاؤل الذي تحرص الطبقات المتوسطة على الحفاظ عليه , وهذا النسل من الأناس العاديين , السمينين والمزدهرين ...الا أني أحب هذا التقاطع ما بين حياتي الفوضوية تماما , المنهكة , , الناضبة من الحب , والموحشة , وهذه الحياة العائلية على طريقة الطبقة الوسطى ... ثمة شيء فيه يؤثر بي على الرغم من كرهي لكل ما يمثله ."
يعتقد هاري انه مكون من روحين او شخصين : هاري الانسان وهاري ذئب السهوب . وكلاهما يعيشان في حالة من الصراع الدائم, لكن يحدث انه في بعض الاحيان , ولو لمدة قصيرة ان يكونا على وفاق وحينها فقط ينعم هاري براحة من البال وصفاء للذهن ينسيه كل ما قاساه خلال عقود .و على الرغم من ان هللر كان يعيش حياة مظطربة متقلبة الا انها كانت على الاقل محتملة : " ولكن في الاجمال , لم يكن بالظبط يوما بهيجا كثيرا .كلا بل لم يكن حتى يوما يسطع بالسعادة والفرح , وبالاحرى كان مجرد أحد تلك الايام التي أضحت منذ زمن طويل من نصيبي ; أيام رجل ساخط في منتصف عمره , فاترة , مقبولة ومحتملة بشكل تام , وسارة باعتدال ; أيام بلا الام خاصة , بلا هموم خاصة ,بلا قلق معين , بلا يأس , أيام يجب التساؤل حولها , بانفعال او قلق , بصورة هادئة ونبرة اعتيادية , ان لم يحن الوقت لأحذو حذو ((أدالبرت شتينتد)) ويقع لي حادث مميت أثناء حلاقة ذقني ." وهكذا يقضي أيامه حتى يسلمه ذلك البائع المتجول كتاب بعنوان "أطروحة في ذئب السهوب. ليس للجميع" ولعل هذا الحدث هو الاهم بالجزء الاول , او ما يمكن تسميته حدثا بهذا الجزء . فمن هنا تبدأ الغرابة والسريالية , فالكتاب عبارة عن تحليل عميق لشخصية هاري و أفكاره , وكأن صاحب هذا التحليل يعرفه اكثر من نفسه ... حيث اتخذت هذه الدراسة من هاري هللر نموذجا لتحليل ظاهرة من سماهم صاحب الاطروحة ب (( الانتحاريين)) وهو لا يقصد الدواعش هنا بل فئة خاصة وفريدة , يعيش معظمها حياتهم دون ان يمسو انفسهم بأذي مميت ...
بعد أن قرأ البطل هذه الاطروحة والتي وجدها مصيبة بشكل مرعب تقريبا في كل ما قالته , انهار هاري تماما وتبددت كل تلك الاوهام التي جعلت أيامه الرتيبة تلك محتملة , وانقض عليه الالم وبدأ ينهش في كل جزء من روحه المظطربة "أما كان مقدرا لي أن أعايش كل هذا من جديد؟ كل هذا العذاب, كل هذه الحاجة الملحة , كل هذه النظرات الخاطفة الى حقارة ذاتي وتفاهتها , والخوف المريع من أن أستسلم , والخوف من الموت . أما كان من الأفضل والاشد بساطة أن أمنع تكرار الكثير من الالام وأن أغادر مسرح الأحداث ؟ حتما لكان أشد بساطة وأفضل .
وقرر انه لم يبقى له الا موسى الحلاقة كي ينهي هذه المعاناة : "وقرار موتي لم يكن نزوة وليدة ساعة , بل كان ثمرة ناضجة , متينة نمت ببطء حتى اكتمل حجمها , هدهدتها رياح القدر بخفة وكانت تكفي هبة واحدة لكي تسقطها الى الأرض ."
ومن هنا يبدأ القسم الثاني من الرواية والذي في رأيي لم يكن الى تمثيلا لأطروحة ذئب السهوب في شخوص حية وأحداث من وحي الواقع ....