الدوستوبيا أو ما يُعرف بأدب المدينة الفاسدة
حيث النظام الدكتاتوري والحزب الحاكم المستبد المسيطر على كل شيء، ووجه الأخ الكبير يلاحقك أينما كنت وفي أي وقت.
العيش في عزلة فردية، لا وجود للأخلاق والعواطف الإنسانية، فهي حياة مجرّدة من كل ما هو إنساني.
"ما كان لعضو بالحزب أن يكون لديه وقت فراغ أو أن ينفرد بنفسه إطلاقاً إلا عند نومه"
عالم يخلو من العلاقات الأسرية، فالآباء والأمهات يخشون بأن يشي بهم أبنائهم للسلطات، الأزواج مجرّدين من كل عاطفة، حتى العلاقات الجنسية يتحكم بها الحزب وتصبح مجرّد عملية تقتصر على إنجاب الإطفال لخدمة الحزب، تخلو من كل ما هو حميمي وإنساني.
"ولمّا كانت ممارسة العملية الجنسية على طبيعتها تعتبر عصياناً فإن مجرد الرغبة الجنسية تصبح جريمة فكر"
أن تعيش في عالم قائم على الكراهية والغضب وإذلال النفس والولاء المطلق للمخلّص والحامي الذي يتجسد بشخص الأخ الكبير والحزب الخالد فتصبح مجرّداً من كل فكر فردي مستقل
"إن جريمة الفكر لا تفضي إلى الموت، إنما هي الموت نفسه"
فبمجرد أن تسمح لنفسك بالتفكير فقد حكمت على نفسك بالموت المحقق.
"فالولاء يعني انعدام التفكير، بل عدم الحاجة للتفكير، الولاء هو عدم الوعي"
أن تعيش في عالم لا تدري فيه ما هو تاريخ اليوم، ما هي هذه السنة بالتحديد، ما الذي حصل بالأمس، فالحزب يختار ما الذب سيُسجّل في التاريخ ويشكّل الماضي بحسب ما يريد، ليصنع عالماً مؤسّساً على الكذب والخداع وعليك أنت أن تكذّب عقلك وحواسك وقلبك بما يتماشى مع ما يراه الحزب، وقد يختار الحزب أن يصفّي مجموعة من الأشخاق ويمسح وجودهم من الحياة ويستأصل شأفتهم وعليك أنت تصدّق وتقتنع بأن زميلك الذي يجلس دوماً بجوارك أصبح غير موجود ولم يكن له وجود من الأصل!
"فكل شيء يتلاشى في عالم من الظلال إلى حد يصبح معه حتى تاريخ السنة أمراً مشكوكاً فيه"
"إن كان هنالك من أمل، فالأمل يكمن في عامة الشعب"
عامة الشعب، السواد الأعظم من الأمة، الطبقة العاملة (البروليتاريا)... في عالم طبيعي، هم الذين يقررون ويختارون طريقة حكمهم لأنفسهم ومن الأجدر بحكمهم (الديمقراطية)، لكن في عالم من الرعب والتحكم والسلطة، فإنهم يرزحون تحت وطأة المرض، الجهل والفقر لا يفكرون إلا بما يسد رمقهم، أفي عالم كهذا يمكنهم أن يدركوا حقيقة واقعهم ويثوروا!
"لن يثوروا حتى يعوا ولن يعوا إلا بعد أن يثوروا"
بما أن الحزب يستند بسلطانه على جهلهم ومرضهم فلن يسمح بأن تنبت هذه البذرة في نفوسهم وإدراكهم.
"لم يكن من المرغوب فيه أن يكون لدى عامة الشعب وعي سياسب قوي؛ فكل ما هو مطلوب منهم وطنية بدائية يمكن اللجوء إليها حينما يستلزم الأمر"
في عالم كهذا تنعدم معاني كلمات كالحرية، الوجودية، الإنسانية، الذات، العقل والفكرة، عالم يلفه الضباب والطاعة العمياء والتجرّد من الإنسانية وتشرّب أفكار الحزب والإيمان المطلق بها
"فمن الممكن في نهاية المطاف أن يعلن الحزب أن اثنين واثنين لا يساويان خمسة وعليك أن تصدق ذلك"
ليس الرعب أن تحيا في عالم كهذا، بوجود "الأخ الكبير يراقبك" أينما ذهبت، ليس الرعب في وجود شاشات وميكروفونات تترصدك وتسمعك وتحصي خلجات نفسك وتعد أنفاسك ليل نهار، ليس الرعب أن يقتلوك، ولكن المرعب هو:
"المرعب في ذلك ليس قتلك بجريرة التفكير بطريقة مغايرة، بل احتمال أن يكونوا على صواب، إذ كيف يمكنك بعدها أن تعرف أن اثنين واثنين يساويان أربعة؟ أو أن قوة الجاذبية موجودة؟ أو أن الماضي لا يمكن تغييره؟ فإذا كان كل من الماضي والعالم الخارجي لا يوجدان إلا في أذهاننا، وإذا كانت أذهاننا نفسها يمكن التحكم فيها- فماذا تكون نتيجة ذلك؟"
1984
رسالة كتبها جورج أورويل للمستقبل... لنا نحن... لعالم اليوم
لنقف ونسأل أنفسنا سؤلاً واضحاً وصريحاً:
ألا نرى ونشاهد ونعاين مبادئ الحزب الثلاثة في حياتنا؟
الحرب هي السلام
الحرية هي العبودية
الجهل هو القوة
1984 لم تكن رواية خيالية بقدر ما هي تحذير لكل ذي عقل!