اقتباسات من رواية دماء في المدينة الضبابية : بين سيف الدماء وميزان العدالة

ولكن هذه المدينة تكرهنا يا أمي، هذه المدينة لم تحنُ علينا أبدًا. إن قتلوني يا أمي، فلا تحزني لفراقي؛ فأنا أستحق الموت لأنني لهثتُ خلف الحُلم السخيف ونسيتُ نفسي فظلمتُها وظلمتُ عائلتي. لقد نسيتُ يا أمي، أنه لا مكان لأحلامنا في المدينة الضبابية،

لم تكن الرسالة مجرد كلمات، بل صيحة خفية من أعماق الظلام. مع كل سطر قرأه، ازداد اضطراب أحشائه، وكأنها تتمرد على وجودها داخله. تصاعدت رغبة التقيؤ بداخله كما لو أن جسده يحاول لفظ ذلك الشر الذي تسلل إليه من بين السطور. للحظة، شعر بأن برد الليل لم يعد يلسع جسده فقط، بل تخلل إلى روحه، جاعلًا إياه أسيرًا للخوف والقلق.‏

حتى في أكثر لحظات السكون، كانت الهمسات تُشاع عن تلك الوجوه الدميمة، كأنها تتربص وراء كل نافذة مظلمة.‏

أنتِ البستان الذي ازدهرت فيه أحلامي، والقلعة التي احتميت بها في لحظات ضعفي. أحبكِ دائمًا وأبدًا.‏

‫ ‏من قال أن الحياة عادلة؟ إنها أبعد ما تكون عن ذلك؛ فأنا لم أرَها هكذا من قبل، ربما لأن قسوتها تخطت طاقة احتمالي، أو ربما لأنني من المنكوبين الكثيرين ممن كُتب عليهم أشياء كثيرة لا يطيقونها، لا أدري، ولكنني أوقن أنها غير عادلة، فعندما أتجول في أزقة سالتيورا الضبابية أرى الظلم يتجول في المدينة الكئيبة، بل ويتبختر متفاخرًا بنفسه وهو يسطو على أهلها.‏

يُقال إن من يكتب التاريخ هو المنتصر دائمًا، أما الخاسر فتطويه صفحاته ليصبح في غياهب النسيان، حتى وإن كان الحق حليفه، فلا يهم، بل الأهم أمام العالم هو من يحكي الحكاية ويتحدث عنها، لا من قُتل ظلمًا وبُهتانًا بعد أن قُطع لسانه ليصمت إلى الأبد!‏

أن يمنحك الإله هبةً كهذه هو أمرٌ عظيمٌ يجب أن يكون مصدر سعادةٍ وفخر لك، ولكن أن تكون موهبتك هي السبب في هلاكك فإن هذا أمرٌ قاسٍ للغاية.‏

هناك بعض الأمور التي يعجز المرء عن مشاركتها مع الآخرين، حتى أولئك الذين يعنون الكثير له.‏

أحيانًا تجبرنا الحياة على سلك دروبٍ وعرة، ولكنها تكافئنا بأزهارٍ جميلة يفوح عبيرها على طول الطريق لتشفي الجراح التي تصيبنا من قساوة ذلك الدرب،

لقد نسيتُ يا أمي، أنه لا مكان لأحلامنا في المدينة الضبابية،