اقتباسات يحيى حقي

لقد بحثت عن النجاة في المساجد، بل فيها وفي المعابد لا يهمني لأي دين أقيمت، واتصلت روحي بكل ما عبده الإنسان قديماً من الأصنام.. واحتملت دمامتها المراد بها إرهاب الحمقى وقطع اللجاجة، فإن سحرها وحده كان مطلبي، ثم قلت لأهبن قلبي للطبيعة وأسرارها، لعلي أجد فيها بلسماً يشفيني، فسهرت تحت السماء أتطلع إلى أفلاك الكواكب، وطال وقوفي أمام البحر والصحراء، وجعلت نفسي تنساب مع الوديان والأنهار، ورقدت في الغابات أتشمم أعشابها البرية، وأترك لكل ما هب وطار من الهوام أن تغدو وتروح كما تشاء من فوقي ومن حولي.

تنقلت بين الخمر والتصوف، وبحثت عن المشايخ الصالحين.. ولم أترك قارئ بخت أو حاسب نجم، وألححت على كل من عرفته كي يدلني على قطب هذا الزمان.. فلم أجد عند أحد منهم طلبتي، غرقت في الموسيقى فطفوت، كل تمثال أو صورة لفنان لمعت أمام ناظري لمعة خاطفة ثم انطفأت.. حتى الحب، جاءني بعد لأي، ومن حيث لا أحتسب، ففرت منه فرار السليم من الأجرب، إذ كنت لا أملك نفسي، وتعجز روحي عن تصور الدوام كما تتصور الفناء، وكل ما يعين على البقاء هو عندي عبء ثقيل، كلما تعلقت عيني بشيء ونظرت إليه في هوس، لا تنفك تبحث عن هذا المجهول الذي يسمرها تارة ويزيغ بها تارة أخرى..

عجبتُ للإنسان يوصي غيره بالقناعة .. و لا يقنعُ هو !

ينحدر قرص الشمس مسرعًا كأنه هارب وهو يقول لك هذا هو الليل يا صديقي، فماذا أنت صانع بنفسك؟!

والدنيا، فإذا أخذتنا الوحدة في أحضانها، ضقنا بها ضيقًا شديدًا، لا يبدد هذه المشاريع وحسب، بل يمحق الفكر كله

ليس في الدنيا كلها خداع يفوق خداع الوحدة، نحن نطلبها أحيانًا، ونتمناها ونقول: حبذا لو أتيحت لنا ففرغنا إلى تحقيق أفكار عديدة تدور في رءوسنا تشغلنا عنها الناس

❞ نادى يحيى حقي بالاقتصاد في اللغة.. لا يجب أن تراق الألفاظ بلا داعٍ، يجب أن يحيط اللفظ بالمعنى كما يحيط الثوب بالجسد، كما قال الجاحظ، فيكون مضبوطًا عليه ليس واسعًا ولا ضيقًا ❝

❞ نادى يحيى حقي بالاقتصاد في اللغة.. لا يجب أن تراق الألفاظ بلا داعٍ، يجب أن يحيط اللفظ بالمعنى كما يحيط الثوب بالجسد، كما قال الجاحظ، فيكون مضبوطًا عليه ليس واسعًا ولا ضيقًا ❝

❞ نادى يحيى حقي بالاقتصاد في اللغة.. لا يجب أن تراق الألفاظ بلا داعٍ، يجب أن يحيط اللفظ بالمعنى كما يحيط الثوب بالجسد، كما قال الجاحظ، فيكون مضبوطًا عليه ليس واسعًا ولا ضيقًا ❝

❞ نادى يحيى حقي بالاقتصاد في اللغة.. لا يجب أن تراق الألفاظ بلا داعٍ، يجب أن يحيط اللفظ بالمعنى كما يحيط الثوب بالجسد، كما قال الجاحظ، فيكون مضبوطًا عليه ليس واسعًا ولا ضيقًا ❝

أي لذَّة في عمل لا تتجسم أمامك نتائجه، فتمنح النفس جزاءها من الرضا والغبطة؟!

إن الزمن يلح عليَّ بالخلاص فأعصيه، والمنطق يسخر مني فأسخر منه، والحياة تتشبث بتلابيبي فأتملص من قبضتها وأفر، ولكن هل أقوى على مغالبة كل هؤلاء الخصوم مجتمعين؟ سأنساك! سأنساك! ولكن هيهات لي أن أنسى أنني نسيتك…

«نعمات»، و«عطيات». لم تكن أسماء بقدر ما هي تلميح بأن الرضا عن اضطرار، وأن خضوع اليوم مرتبط بالرجاء في تحقيق الوعد غدًا.

وإذا بالسياج يرغمني وينهد، وتبرز لي من ورائه، تحملق في وجهي كعيون البوم، تهمة بشعة كالعدم، قاسية كالقدر المترصِّد، راسخة كالأزل.

‫ (كن طيبًا ما أمكنك، حذرًا ما استطعت، فلن تكون يدك إلا أذى، ولا قدمك إلا سوءًا)

أنت يا مصر راحة ممدودة إلى البحر لا تفخر إلا بانبساطها. ليس أمامك حواجز من شعاب خائنة، ولا على شاطئك جبال تصد. أنت دار كل ما فيها يوحي بالأمان..

هذا شعب شاخ فارتد إلى طفولته. لو وجد من يقوده لقفز إلى الرجولة من جديد في خطوة واحدة، فالطريق عنده معهود والمجد قديم، والذكريات باقية.

فليس أكبر الألم ألا يشعر الحبيب بألمك، بل ألا يشعر بسعادتك…

ما قيمة التمسك بالذيل واقتفاء الخطوة، في حين أن الروح متبلد والذهن غائب؟

التأثير على المثقفين معناه التأثير في عقل الأمة.

لا يمكن لإنسان يريد أن يؤثر على مجتمعه أن يكون عديم الثقة بهذا المجتمع، شديد الإنكار والاحتقار له، غير قادر على محبته والتفاهم الصحيح معه واكتشاف اللغة المناسبة لمخاطبة الناس فيه.

نحن في الشرق مصابون بهوس تصيد الحكمة وتقنينها والتفنن في صياغتها، نقولها ونحن نهز الرؤوس - دراية وخيلاء، ونسمعها بمصمصة الشفاة - إقرارًا واستحسانًا واعتذارًا.