لقد بحثت عن النجاة في المساجد، بل فيها وفي المعابد لا يهمني لأي دين أقيمت، واتصلت روحي بكل ما عبده الإنسان قديماً من الأصنام.. واحتملت دمامتها المراد بها إرهاب الحمقى وقطع اللجاجة، فإن سحرها وحده كان مطلبي، ثم قلت لأهبن قلبي للطبيعة وأسرارها، لعلي أجد فيها بلسماً يشفيني، فسهرت تحت السماء أتطلع إلى أفلاك الكواكب، وطال وقوفي أمام البحر والصحراء، وجعلت نفسي تنساب مع الوديان والأنهار، ورقدت في الغابات أتشمم أعشابها البرية، وأترك لكل ما هب وطار من الهوام أن تغدو وتروح كما تشاء من فوقي ومن حولي.
تنقلت بين الخمر والتصوف، وبحثت عن المشايخ الصالحين.. ولم أترك قارئ بخت أو حاسب نجم، وألححت على كل من عرفته كي يدلني على قطب هذا الزمان.. فلم أجد عند أحد منهم طلبتي، غرقت في الموسيقى فطفوت، كل تمثال أو صورة لفنان لمعت أمام ناظري لمعة خاطفة ثم انطفأت.. حتى الحب، جاءني بعد لأي، ومن حيث لا أحتسب، ففرت منه فرار السليم من الأجرب، إذ كنت لا أملك نفسي، وتعجز روحي عن تصور الدوام كما تتصور الفناء، وكل ما يعين على البقاء هو عندي عبء ثقيل، كلما تعلقت عيني بشيء ونظرت إليه في هوس، لا تنفك تبحث عن هذا المجهول الذي يسمرها تارة ويزيغ بها تارة أخرى..
أم العواجز > اقتباسات من رواية أم العواجز > اقتباس
مشاركة من سارة الليثي
، من كتاب