اقتباسات فهد بن عسكر الباشا

«في الحقيقةِ، ينبغي للأطباء أن يَصِفوا لِمَرضاهم وصفةً لأجل الصيدلية، وزيارةً للمكتبة!»

ألم يقل الكاتب الفرنسي فاليري لاربو يومًا: «الجزء الأساسي من السيرةِ الذاتية لأيِّ كاتبٍ يقوم على قائمةِ الكتب التي قرأها»

❞ لطالما باركتُ القدَرَ الذي وهَب لي أن أُعانيَ هذه التجرِبة. لقد كان لهذه السنينَ الأربع التي قضيتُها في السجنِ فضلٌ كبير عليَّ. إن نفسي وإيماني وفكري، إن ذلك كلَّه قد تبدَّل تبدلًا عظيمًا بفضلِ هذه التجرِبة». ❝

❞ فالقاعدة ما ذكَره ابنُ الجوزي في آخرِ قوله: «ينبغي لمن ملَك كتابًا أن لا يبخل بإعارتِه لمن هو أهلُه». ❝

❞ سيجد المرء، متى غيَّر اتجاهه الذهني حِيالَ الأشياء والناس، أن الأشياء والناس ستستجيبُ لهذا التغيُّر بمِثله.. ❝

❞ ربما تناول أحدُنا الكتابَ الثمين في ساعةِ ضجرِه ثم أقفله وهو يتأفَّف. ويتناول الكتاب الغثَّ وهو منشرحُ الخاطر منفتحُ نوافذ الذاكرة فيرتاح إليه وتتوارَدُ على ذهنهِ الخواطرُ والطُّرَف من كنوزِ الذاكرة المدفونة، فيُثني على الكتابِ وكاتبه، وإنما اللذة لذَّته لا ❝

❞ ومِن الطريف ما كتبه برتراند رسل في تعريفٍ مختصَرٍ لعملِ أينشتاين ونظرياته وإسهاماته العِلمية في حقلِ المعرفة، يقول: «إن كل إنسان يعلم أن أينشتاين قام بعملٍ عجيب مَجيد، ولكنهُ لا يعرف عن هذا العمل شيئًا! ❝

❞ ولعلَّ هيغل أراد نفسه بقوله: «الرجل العظيم يُجشِّم الدنيا مشقَّةَ فهمِه!» ❝

❞ والموفَّق مَن عرَف موقعه فلزمه، ففاقَ إخوانه وبَذَّ أقرانه. والمخذول مَن اشتغلَ فيما لا طاقةَ له به، فأجهدَ نفسه في سبيل اللاشيء ❝

❞ كما عرَفتُ أنَّ القراءة المتصلة دون مُهلة مما يَضيع معها الكثير، والأفضلُ أن يقرأ الإنسان فصلًا واحدًا ثم يطويَ الكتاب ليخلوَ إلى نفسهِ مُفكرًا فيما قرأ، محاولًا تلخيصَ أهمِّ ما حصَّله بينه وبين نفسه ❝

❞ ومن كان يفهم أن قراءة الكتاب شيءٌ غيرُ الإتيان على كلماته، وأنَّ دَرْسه مطلبٌ غيرُ استظهار صفحاته، فعليه، بلا ريبٍ أن يُكرِّر قراءته كلَّما استطاع؛ لأن كتابًا تُعيد قراءته مرتين هو أغنى وأكثرُ من كتابين تقرأ كلًّا منهما مرةً واحدة»(188) ❝

أما شيخ العربية محمود شاكر فيَكفيك أن تقرأ الوصف الآتيَ لتتكوَّن لديك صورةٌ واضحة للمكان الذي كان يعيش فيه: «الكتب تملأ كلَّ حيطانِ وجدران الشقة التي يسكنها، وأينما تَلفَّتَّ في أنحائها، لا تقع عيناك إلا على كتب، وكأنَّ الجُدران اختفَت،

«ولا يستطيع القارئ أن يحصر مقدار الفائدة التي يَجْنيها من كتاب؛ فرُبَّ كتابٍ يجتهد في قراءته كلَّ الاجتهاد، ثم لا يخرج منه بطائل، ورُب كتاب يتصفحه تصفُّحًا، فيترك في نفسهِ أثرًا عميقًا يظهر في كل رأيٍ من آرائه، وكلِّ اتجاه من اتجاهات ذهنه».

- العقاد

ولا نزاع في أن الكتب المتهافتةَ التأليفِ تَنهب الوقتَ الذي كان يحسن أن يُقضى في أغراضٍ أنبل وأشياءَ أنفع.

- علي أدهم

ولا تنسَ وصيَّة الصادِق الرافعي رحمه الله تعالى لأبي ريَّة في آخِر جَوابهِ على الرِّسالة السادسة: «اقرَأْ كُل ما تصِل إليه يدُك؛ فهيَ طريقةُ شيخنا الجاحظ، وليكن غرَضُك من القراءةِ اكتسابَ قريحةٍ مستقلَّة، وفِكرٍ واسع، ومَلَكة تَقْوى على الابتكار»(178).

ولْنحذَرْ جميعًا من موتِ التفكير التأملي؛ فإنَّهُ «منذ سنوات، شعَرَ الفيلسوف مارتن هايدغر، أن الخطر الكبير في عصرِ الإبداع التكنولوجي، يتمثَّل في إمكانيةِ ولادة (اللامبالاة تجاه التفكير التأملي.. عندئذٍ يُنكر الإنسان طبيعتَه الاستثنائية ويتخلَّى عنها؛ لأننا كائناتٌ تأمليَّة؛ ولذا فإنَّ ولذا فإنَّ مهمتنا تتمثَّل في إنقاذِ الطبيعة الجوهرية للإنسان، بإبقاء التفكير التأملي على قيد الحياة)».

الجاهِل وحده مَن يعتقد أنَّ الكتب ما هي إلا صفحاتٌ جامدة لن تُحرِّك ساكنًا أو تُغيِّر واقعًا، وأنَّ أثرها لن يُجاوز حدودَ المكان الذي تُقرَأ فيه، وأن إغلاق الكتاب كفيلٌ بدفنِ أفكاره وإبادةِ تأثيره!

اعْلَم أنك مُيَسَّرٌ لما خُلِقتَ له، فليسَ صحيحًا أن كل قارئ يستطيع فهم أيِّ نوعٍ من الكُتب. للناسِ مشاربُ مُختلفة، وللعقول مداركُ متفاوتة، والموفَّق مَن عرَف موقعه فلزمه، ففاقَ إخوانه وبَذَّ أقرانه. والمخذول مَن اشتغلَ فيما لا طاقةَ له به،وأجهد نفسه في اللاشيء .

أما كُتب تطوير الذات فلن أُثخِنَ فيها، ولكنَّ أغلبها -وحبذا التركيز على «أغلبها»- يكون مُجمَل الطرح فيه مُخدِّرًا لا موقِظًا؛ لأنها تَخلُق في داخلِ القارئ (الفاشل حياتيًّا) شعورًا مطَمْئِنًا حتى يُحبَّ فشله! فهي في حقيقتها قائمةٌ على حِيَلٍ نفسيةٍ لا تنهض بك، بل تُخيِّل إليك النهوض!

وكما قال كاتبُ بلاد الغال وناقدُها أناتول فرانس «إن المعارف التي تُحشَر في الأفهامِ عَنْوةً وقسرًا تسدُّها وتخنقها. يجب أن تؤكَل المعرِفةُ بشهيَّةٍ لتُهضَم»