اقتباسات لنا شاهين

أي جورج بوش الابن، الذي كرهه كلّ العرب والمسلمين كراهية عمياء، إلا من تطابقت مصالحهم مع مصلحته، قد انتهت، وآن الأوان لوجه آخر مِن وجوه أميركا، مناسب تمامًا للمنطقة المستهدفة في المرحلة المعينة ‫ كاد الشرر يتطاير مِن عيون الدكتور حسنين.

سبب تخلي أميركا عن الرئيس المخلوع مبارك بأن باراك أوباما قد حاول التوسط لأخيه الكيني ابن المصرية للحصول على الجنسية لكن حبيب العادلي رفض رفضًا قاطعًا، وسانده في ذلك مبارك تغليبًا للقانون، فقلب أوباما الطاولة عليهما ‫ ولأن الحكمة تؤخذ أحيانا من أفواه المجانين.

دعابة مِن رجل مصري كان يقف على عتبة ميدان التحرير، ويبيع عصائر باردة، حدثني في ذلك اليوم أنَّ والد الرئيس الأميركي باراك أوباما هذا، قد مرَّ بمصر وهو في طريقه مِن كينيا إلى الولايات المتحدة، لماذا مرَّ بمصر مع أنّها ليست في طريق القوافل من كينيا إلى أمريكا

مِن ميدان التحرير وحتى العجوزة حيث يقع المكتب، يمكن أنْ يقطعها الإنسان سيرًا على الأقدام، لكني بعد حرب الهوانم التي خضتها في الميدان، واضطراري في أجزاء متكررة بعد رحلة الأهوال تلك، للسير على قدمي المنتفختين أصلاً مِن طول الوقوف والتنقل .

الفضل في نجاتي قد يرجع إلى قاعدة (صوابعك مش زي بعضيها)، وأيضًا على ما يبدو للحس النسائي بالتعاطف في نهاية المطاف مع من شعرن بصدقها، وبأنَّها بنت ناس عندها عيال وتحلف بهم، وغلبانة ومنكسرة يا كبدي، وبتجري على أكل عيشها.

انفجرت في موجة بكاء هستيري، ليس خوفًا وإنّما حزنًا وألمًا، فأنا رأيت الموت بأمِّ عيني مرات ومرات خلال تغطيات سابقة، لكنه كان يأتي مِن اتجاه واحد، العدو الإسرائيلي، أما اليوم فهو يأتيني من كلِّ اتجاه، ومِن أعز الحبايب.

أنا لا أبالغ، ولا أرسم صورًا من الخيال فحسب، هكذا كان يبدو الوضع أمامي، نساء يحاصرنني مِن كلِّ اتجاه، ويقتربن مني شيئًا فشيئًا، وكأنني أرى قطعة القماش المبللة بالماء في يد كلّ منهن وهي على وشك أنْ تكتم بها أنفاسي

سألت إمرأة مِن القادمات من الإسكندرية: ‫ - لماذا تفضلين الاعتصام هنا وليس في الاسكندرية؟ ‫ أجابت بعفوية: ‫ - هنا في ميدان التحرير شعور آخر فهذا الميدان له رمزية خاصة وهنا أشعر بالأمان أكثر ‫ لم أفهم إجابتها، أو بالأحرى لم أقتنع بها.

اللغط يتعالى ويزداد حدة. الكلُّ يحاول التحرك لاتخاذ مكان يمنحه موقعًا أفضل للانتقام مني. الكلام واحد، ونفس الدرجة من الصراخ:

‫ - دي دسيسة.

‫ كلمة السر كانت «دي دسيسة، ارموها بره

نحن نسميه الصبر أو الصبار، كلمتان أحلاهما مرّ بطعم العلقم، على العموم أنا أحبه أيًا كانت تسميته، وإن كان اسمه قد أصبح مقترنًا في مخيلتي بما عايشته وعانيته في مهمتي هذه، وهو في مصر

لم أشعر بأيِّ شي مما يشعر به النائم، وعندما استيقظت في الصباح كان الوقت متاخرًا لأبعد الحدود، ورغم كلّ ما أشعر به من آلام في المفاصل، إلا أنني توجهت إلى الميدان رفقة زميلي المصور، ووقفت أمام الكاميرا في الوقت المحدد.

قدر ولطف، كان ذلك هو أحد الزملاء، وقد ساقه الله في هذا الطريق وهذا التوقيت بالذات لينقذنا مما نحن فيه عدت إلى الفندق تلك الليلة مجهدة منهكة ‫ - الحمد لله على السلامة؟ ‫ - شكرًا ‫ أجبت موظف الاستقبال في الفندق.

فعمليات الكر والفر التي تنقض فجأة ومن دون سابق إنذار لا تحمل في طياتها غير شرٍّ مستطير فلنتوكل على الله ونلوذ بقوله تعالى، قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ‫ - إنت ركبتي المترو إزاي، اتجننتي يا بنتي، انزلي فورًا

صحيح أنَّ مبارك قد تنحى، ولكنه أجبر على ذلك إجبارًا، وفعله كارهًا وليس بمحض إرادته لله درك يا لنا، لا يمكن لك أن تتخلي عن عشقك للغة العربية ما علينا، وليس هذا وقت التفكير في ذاك أصلاً ‫

كعابي يا أستاذه، أنت نسيتي ولا إيه.. المشي صحة.

‫ صحة إيه ياعم الأمن كله، تقلش أنا في حماية بلاك ووتر الأميركية. لابد مما ليس منه بد، هذا هو المفتاح السحري للتغلب على صعوبة اتخاذ القرار، مكره أخاك لا بطل

الحر خانق لافح حارق، نعم إنّه كذلك خانق حارق، والناس صابرون ومصرون على أنْ يحتفلوا بانتصارهم على ما اعتبروه استبدادًا وتبديدًا لمكتسبات ثورة يناير ‫ التركيز في شيء واحد هنا مستحيل، إلا الحرص على البقاء ليس حيًّا فقط وإنّما سليمًا .

أستمتع بما أرى. جماهير تغني فتتزلزل الأرض طربًا، وعلم مصر بكامل ألوانه يزين السماء. وقلب نعم قلب، ومن المؤكد أنّه قلب مصر، ينبض بحب ليس كأي حب.

‫ لا لوم علي لو بكيت!! وما فؤادي حديد ولا حجر!!

داهمني فجأة وأنا أعيش تلك اللحظات الرائعة شعور باليتم، ووجدتني- واللهم لا حسد- أغبط المصريين ما لهم مِن عمق شعبي يتجسد في حائط الردع المسمى جيش مصر، خط دفاعهم الأول والأخير حين تدلهم الخطوب، ويتعذر التوافق وتبغي طائفة على أخرى، 👍

تنسيقية 30 يونيه، استجابة لدعوة حركة تمرد ‫ قبل أنْ أكمل قولي-أفادكم الله- كانت السيارة تقف على أطراف الميدان، ونغادرها لنكمل المشوار سيراً على الأقدام ‫ بمفردي- ومِن دون أيّ عون أو توجيه من أحد- ها أنا وجهًا لوجه مع الحدث في الميدان.

وجود مثلي بين كلَ هذه الملايين لن يضر ولا ينفع، ولكنّي أرى أنَّ تغطية الأحداث على مبدأ نقل الواقع كما هو ينفع وينفع بكلِّ تأكيد، فلا شيء أفضل مِن أنْ تسود الحقيقة.

‫ غمرتني سكينة لا يعترف بها عاقل.