اقتباسات عيسى عودة برهومة

يُلْحَظ من دراسة المذكّر والمؤنّث في اللغة، أنَّ أكثر ما عُنِيَ به العلماء هو دراسة التأنيث، حتى ليخيّل أنَّ المشكلة كانت تكمن في التأنيث، فأكثر ما صنّفه العلماء كان موقوفًا على أحكام التأنيث، والمؤنّثات السماعيّة، ولعل أوليّة اللحن تومئ إلى ذلك، فقد رُوي «أنَّ هذه عصاتي، أول لَحْنٍ سُمع بالبادية»(202).

وقال الزَّجَّاجي: «أصل الأسماء التذكير، والتأنيث داخل عليها»(173).

وهناك ألفا نكتة بذيئة في أمريكا وخارجها صاغها الرجال لامتهان النساء..»(

ويُعَدُّ يسبرسن (Jespersen) (1922) من الرواد الذين بحثوا التحيّز الجنسيّ في اللغة، فقد نعت اللغة الإنجليزيّة الأمريكيّة بأنها لغة ذكوريّة ووسم جربر (Gruber) اللغة الإنجليزيّة الأمريكيّة بأنها لغة كره النساء.

تخاطب اللغة القُرّاء كما لو كانوا رجالاً دائمًا

«لذا لجأت بعض الكاتبات إلى انتحال أسماء ذكوريّة للكتابة في المجلات والصحف، لأنَّ المجتمع لم يتقبل بَعْد خوض المرأة ميدان الكتابة، لارتباط لغتها -وفق المخيال الاجتماعيّ- بالسذاجة، والسطحيّة ومن هؤلاء

واللغة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بثقافة الناس الذين يتكلمونها،

ومما يَعْضُد هذه الوشائج بين اللغة والمجتمع، أنّ لكل مجتمع تقاليده الاجتماعيّة ومعتقداته الدينيّة التي يمارسها الأفراد في كثير من الأحيان عَبْرَ اللغة

تحديد الطبقات الاجتماعيّة، والمنزلة التي يشغلها الأفراد أو الطبقة التي يتطلعون إلى الانتماء إليها.

وليس ثمة إمكان لوجود أي لغة خارج نطاق المجتمع، فلا نستطيع فهم اللغة وقوانين تطورها إلا إذا تَوجَّهنا لدراستها من حيث صلتها الوثيقة بتاريخ المجتمع أي بتاريخ الشعب الذي تَنْتَسِب إليه اللغة؛

لأن اللغة - أي لغة - تُعدُّ اليوم حصيلة اجتماعيّة ونتاجًا للتاريخ الاجتماعيّ.

فإنَّ اللغة هي أبرز هذه الظواهر الاجتماعيّة التي تنعكس عليها ردود الفعل الاجتماعيّة، فإذا حاول فرد التحليق خارج المنظومة اللغويّة للجماعة، فهو مُعرَّض للانتقاد والسخرية.

إنها تمنح شعورًا بالانتماء إلى مجتمع المتحدِّثين بها، وتُعين الفرد على التوافق الاجتماعيّ والتكيُّف النفسيّ مع الجماعة والمجتمع، وهي جسرنا لإقامة العلاقات الاجتماعيّة وتطويرها.

إنَّ اللغة تتجاوز وظيفة التفكير المجرَّد، والتعبير عما يعتمل في أقطار النفس من خَطَرات البال، لتشمل أيضًا استجابة المتلقين للغة، والظروف الزمانيّة والمكانيّة للحدث الكلاميّ.

ولن تؤدي هذه المحاولة إلا إلى إجداب الدراسات اللغويّة، فاللغة سلوك اجتماعيّ يحدده المجتمع في المقام الأول»

لم تنشأ اللغة بتخطيط مُفْرَد، وإنما بمواضعة اجتماعيّة تُعمَّم على الأفراد، فلا فَكَاك من إقصاء العامل الاجتماعيّ في إنتاج اللغة وفهم ماهيتها، فهي ربيبة المجتمع

ويؤثِّر التطور الثقافيّ والحضاريّ لأي أمة تأثيرًا بالغًا في مدلولات الألفاظ،

تصدير الأستاذ الدكتور نهاد الموسى -رحمه الله تعالى-

‫ اللغةُ مرآة المجتمع، والمرأة نصفُ المجتمع، فهل كانت اللغة مرآةً للمرأة؟ وهل أنصف المجتمع نِصْـفَه؟ اللغة مرآة، والمجتمع كيان إنسانيّ مثقل بالإرث الثقافيّ وصيرورة البِنى الفوقيّة كالاقتصاد والتشريع. قد تبدو اللغة محايدة إذ تجعل (الجُبْن) مذكّرًا وتجعل (الشجاعة) مؤنثًا، كما تجعل (السفاهة) مؤنثًا و (الحِلْم) مذكّرًا.

وأنه لا انفصال بين اللغة والفكر،

يقول (شتراوس): «ستظلّ هناك فجوة دائمة بين الإجابة التي يكون العلم قادراً على تقديمها، وبين السؤال الجديد الذي ستثيره هذه الإجابة».