اقتباسات نادية هاشمي

لا أريد الثأر. ولا أصدق وهم الختام أيضًا. لا أتوقع أن اعترافه، أيًّا كان، سيخفف من آلامي. لا أريد سوى تسجيل حقيقي للتاريخ. تقرير حقيقي عن تلك الليلة. أريد شواهد قبور لأسرتي كي يعرف العالم أنهم عاشوا وماتوا.

لكنني ما زلت أحنُّ إلى قومي. ظللت أراقب وطني من بعيد وهو يغرق في الحرب الأهلية، ويعاود الطفو على السطح بوجه أصولي جديد. رأيتُ صورًا لرجال يحملون صواريخ على أكتافهم وتخيلتُ أسقفًا تنهار، ورأيت الناجين الحفاة يركضون نحو الحدود. تنتصب أذناي حين أسمع لغتي الأم.

يبدأ الافتقاد قبل أن يغادر أي شخص.

الحب أوبرا والحزن هو صدى الصوت. لا يمكنك نيل أحدهما دون الآخر. لكنك بعد الحزن، ستجدين طريق العودة إلى الحب.

الأطفال يجب ألا يموتوا ومع ذلك يموتون، بطرائق كثيرة ومختلفة. رأيت ما فعله هذا بأمي. لا أريد أن أعيش بهذا الاحتمال معلقًا أعلاي كسيف دموقليس. لا أريد أن أعرف إن كان سيمكنني البقاء بعد هبوط السيف أم لا.

التاريخ تُنقَّح لتقدم نسخًا مختصرة من القصة. يسقط حاكم عن العرش، ليجلس عليه حاكم آخر. لكن الجنود والمدنيين يعيشون الحرب ويعانون الخسائر.

تطغى عليّ بلدي، قصتي. كنت أحيانًا أقضي الليل كله حتى الصباح على مواقع الإنترنت أحاول إيجاد منطق ما للحرب والسياسة. ب

ركضتُ من كل ما شهدته. ركضتُ رغم كل ما عانيته. ركضتُ ضد الريح، وأحيانًا معها. ركضتُ في مسارات محددة وأحيانًا غير محددة. قست المسافات وركضتُ أميالًا كاملة، أربعة أو خمسة أو ثمانية، دون ترك أدنى أثر على الأرض.

صرت أركض يوميا بعد ذلك، رغم الألم الذي شعرت به في باطن قدمي حين يصطدم جلدها السميك بالأسمنت. ركضتُ لأعود الفتاة التي اعتادت اعتبار العالم مكانها.

الحزن كالقطران، وكنت مغطاة به، من رأسي حتى أخمص قدمي. كان كل شيء يلتصق بي، نظرة جانبية، عبارة لم أفهمها، رؤية فتاة تركض إلى ذراعي أمها. بدا أحيانًا كطبقة حماية، إن حاولت نزعها عني، سينسلخ لحمي معها.

سواء بالدم أم النار، أو على نحو افتراضي، الأمومة ليست سهلة.

إن الإنسان أقسى المخلوقات. قد يطأ أصغر المخلوقات ليعلو بوصات قليلة.

الحب والحرب طرفا النقيض، قال لي بابا ذات مرة. لكن الشعر ينجم من تضافرهما.

بسحر ما قاتم، شاهدت تيلي تنكمش بالندم وتتمدد بالحنان. كانت بعيدة حتى وهي تعانقني. سالت دموعي على خديّ لتفكيري في حب أمي الذي فقدته.

‫ إن الله لا يمنحك نصيبك كاملًا مكمّلًا، قال أبي، بل يترك لك حرية تشكيله. لكن القدر لا ينثني بسهولة. فكري في حداد يثني قطعة من الحديد. لن يستطيع ذلك دون وضعها في النار.

‫ بدأت أفهم ما يعنيه: أن أتحكم في قدري بنفسي، عرفت أن عليّ تحمُّل النار إن أردت ثنية نحو النجاة.

«العالم مقلوب رأسًا على عقب، أليس كذلك؟ أحيانًا ينقلب هكذا ونحن في الوسط، فيسود الظلام تمامًا ونظن أننا لن نرى الشمس ثانية أبدًا».

كان أبي، بالنسبة إليَّ، ليلًا ونهارًا، أكبر من الحياة.

أتقنت فن تغيير مسار المحادثة، طمس ما أنا ومن أنا بنصف حقيقة، حكاية طفلة متبنّاة. أغير مسارات المحادثات كعامل التحويلات في السكة الحديدية، لأتأمل سؤالهم بطريقتي الخاصة.

حتى الآن، ظلّ تاريخي مدفونًا داخلي، كآثار الحضارات القديمة تحت طبقات الأرض والعصور التالية. لكننا نصر على نبش الماضي لاستخراج آثار الأمس والتعجب من بساطة مخلوقاته الراحلة.

«أين ابني الصغير؟ أين ذهب؟» قالت أمي بمرح. لكن صوتها شابته كآبة ما. ربما كانت تحزن، مثل جميع الأمهات، للحقيقة التي سيتعلمها أخي في المستقبل؛ أن إغماض العينين لا يجعلك تختبئ مِمَّن يبحث عنك.