اقتباسات ميرنا المهدي

كانت دليلة هي المرساة التي تقيد سفينتي حتي لا تتوغل في بحر الظلمات الذي يضربني برذاذ أمواجه المالحه في ظل عملي مع المجرمين.

‫ تظل تكره الجميع حتى تفهمهم!

لماذا تخيلت أن التي هجرتني طفلًا ستتمسك بي شابًّا؟

تلك التفاصيل المتسلسلة التي نغفل عنها، أو نفعلها بلا تركيز، هي جزء من خطة كونية كبيرة دبَّرها الخالق دون أن ندري!

كل ذرة في هذا الكون لها تأثير لا ندركه!

هكذا هو دائمًا، يجيد في أي مجال يدخله، ويتقن عمله ويؤديه على أكمل وجه حتى إن لم يحبه. هو شخصية لن تجد للإهمال أو الاستسلام أثرًا في قاموسها.

يُمكن أن تعرف الكثير عن القاتل من خلال الطريقة التي اختارها لقتل ضحيته، فمثلًا:

مَن يستخدم الرصاص، فهو صاحب شخصية درامية مغرورة، وغالبًا ضحيته ابتزته أو استفزته.

من يستخدم الخنق، فهو شخص يحمل الكثير من الضغينة والاستياء المتراكم تجاه ضحيته، وفي الأغلب دافعه هو الانتقام، وفي معظم الأحيان يندم لاحقًا على فِعلته.

بينما من يختار السم، فهو شخص جبان، لكنه ذكي ولا يقوى على مواجهة ضحيته.

أما أسوأ نوع من القَتَلة، فهو الذي يختار الذبح!

اعتدت على رؤية أرواح الموتى، والتواصل معها بسلاسة منذ أن كنت في الثامنة من عمري، لكن لطالما كانت «قاعدتي الأولى» هي ألا أتعامل إلا مع الروح التي يهمني أمرها، لأن الأرواح الأخرى ستظل ملتصقة بي لكوني الوحيد القادر على رؤيتها، وفتون لن تكن مجرد روح!

فهكذا علمني أبي، علمني أن البكاء من شيم النساء، ولكن ربما كان مُخطئًا، فما البكاء سوى تهذيب للنفس الغرور والذات المتعالية التي توسوس لصاحبها بأنه لا يُهزم ولا يُكسر، كحجر اختال بنفسه حتى أتت السيول ونخرته وأزاحت كبرياءه.

دعني أقدِّم إليك نفسي في ثلاث نقاط:

١. أُدعى نوح الألفي.

٢. أنا ضابط في المباحث الجنائية في منطقة قصر النيل.

٣. أنا أرى أرواح الموتى!

سأخبرك ثلاث حقائق عن نفسي:

أولاها أنني أُدعى «نوح».

والثانية أنني أصبحت ضابطًا في المباحث الجنائية تأثرًا بالمحقق كونان.

أما الثالثة، حسنًا، سأُعلمك بها في الوقت المناسب.

تظل تكره الجميع حتى تفههم.

كانت دليلة هي المرساة التي تقيد سفينتي حتى لا تتوغل في بحر الظلمات الذي يضربني برذاذ أمواجه المالحة في ظل عملي مع المجرمين.

لو رأى قائدو السيارات العالقون في زحام كوبري قصر النيل ما أراه الآن بعينَي، لولوا فرارًا وقفزوا في النهر هلعًا.

على الكوبري العتيق، بين أبواق السيارات وصياح سائقيها الغاضبين، انتشرت أرواح لأطفال تتراوح أعمارهم بين الثامنة والسابعة عشرة، يركضون بطريقة بهلوانية على السور الحديدي للكوبري، ويرقصون بشكل همجي فوق تماثيل الأسود الشامخة، ثم يقفزون في النيل أو يثبون على أسقف السيارات ويطيرون فوق رؤوس المارة وبائعي الفُل والمناديل.

لم يعد من الإنساني أن نؤذي صغارنا ونؤلمهم سبًّا وضربًا وسخرية وإهانة، ظانين أنهم سيكبرون وسينسون، لأنهم في الواقع لا ينسون ولا يغفلون أبدًا عمن آذوهم.

كلنا كائنات تظن نفسها الأقوى، على الرغم من أننا الأضعف، فلنا قلوب سهلة الجرح، ونفسيات هشة قابلة للكسر، وعقول من السهل التلاعب بها، وذاكرة تُخلِّد كل ألم وجرح.