اقتباسات عزة سلطان

تمتلئ حياتنا المعاصرة بالتعقيدات والضغوط؛ مِمَّا يجعلنا بحاجة إلى مساحة للسكينة والدفء الإنسانيِّ، وهو ما يتوفر بشكل حقيقيٍّ في علاقات الحب على وجه الخصوص

الحب هو ذلك الشعور الذي يجعلنا نبتسم عندما نرى من نحب سعيدًا وإن كان بعيدًا عنا، بينما الاحتياج يخلق فراغًا وإحساسًا بالرغبة في الامتلاء، رغبة في أن نجد الشريك ونصل إليه بأي طريقة وكل طريقة،

لا يمكن أن نتجاهل أنَّ الحب بطبيعته شعور عميق يمس حاجاتنا النفسية الأساسية؛ فهو يمنحنا الأمان، والانتماء، والتقدير. لذا فنحن دومًا بحاجة إلى أن نكون في حالة حب،

الاحتياج العاطفيُّ ليس عيبًا، بل هو جزء من إنسانيتنا. لكنه يصبح نعمة عندما نفهمه ونديره بحكمة، ونُدرك أنَّ العلاقة الصحية هي التي تستند إلى توازن دقيق بين الأخذ والعطاء. وعلينا أن نعي أنَّ إدارة الاحتياج العاطفيِّ هي رحلة داخلية تتطلب وعيًا وصبرًا. لكنها في النهاية تُثمر عن علاقة أقوى وأكثر نضجًا، حيث يُصبح الحب دعمًا متبادلًا لا عبئًا يُثقل الطرفيْن.

«أحبك دون معرفة كيف، أو متى، أو من أين. أحبك ببساطة، دون تعقيد أو كبرياء؛ لأنَّ الحب في نضجه لا يحتاج إلى تفسير».

‪ بابلو نيرودا

يقول روبرت ستيرنبرغ عالم النفس الأمريكي: “الحب الحقيقيُّ يقوم على ثلاثة أركان: الفهم، الاحترام، والتقدير»، أما جون غوتمان -وهو الطبيب النفسي الأمريكي الذي يتعلق عمله بالاستقرار الزوجيّ وتحليل العلاقات من خلال الملاحظات العلمية المباشرة- فيقول عن الحب: إنَّ «الثقة والصدق والاحترام هي أسس الحب الدائم» .

الاهتمام الزائد يخنق الطرف الآخر، يجعل الحبيب يبحث عن مخرج للهروب، ونقص الاهتمام يصلب الوحدة شريكًا فِي العلاقة، فيترك ثقوبًا للغرباء يتسللون منها، نعم الاهتمام هو بداية العلاقات ونهايتها، الاهتمام روح الحب وحياته لكن كيف نهتم؟ وكيف نُعلن عن الاهتمام وتوقيتاته؟كثير منا ميَّالون إلى التراخي والكسل، وجود شواخص نصوب عليها أهدافنا، وطرق محددة نصنع بها السعادة، نحتاج وصفة جاهزة وطريقة محددة لطهو المحبة.

فأكثر ما يوجع هو الوهم، كأنْ تعيش مشاعر ظانًّا أنها حب وهي ليست كذلك، فتبني قصورك وآمالك، وتنتظر تحقق أحلامك، بينما أنت تعيش وهمًا وليس حقيقة، تعيش حالتك الشخصية التي لا يعرف عنها الطرف الآخر، ولا يشاركك بها، إننا نبحث عن معنى الحب فِي الكلمة والسلوك ورد الفعل، فِي شكل المشاعر ونظرة العين، فقط لنتبين في أيَّ طريق نسير.

نحن إذن مقيَّدون بالمحبة، منسحقون في أثر العشق، فمن كان منا بلا قلب فهو ميت.

تُعَدُّ كلمة الاحتياج من الكلمات سيئة السُمعة؛ إذ تتنبه الحواس والقدرات الدفاعية لدى الإنسان حين يصف أحدهم الآخر بأنَّ لديه احتياجًا عاطفيًّا، فبعضنا يعدُّها مثل سُبة أو انتقاص من ذاته، وهو الأمر غير الصحيح على الإطلاق.

في اللحظات الأولى يبدو الحب كأنه انفعال عارم يأسر القلوب. نحن غالبًا ما نرى الحب من خلال عدسة العاطفة الجياشة، لكنه يحمل في جوهره مزيجًا من العاطفة والعقل.

وهناك فارق كبير بأن تبدأ علاقة حب لأنك بحاجة أن تحب، وأن تبدأ علاقة حب مع شخص قررتما أنَّ الحب هو السياق المناسب لكما.

الامتنان والتقدير لكل فعل -مهما كان صغيرًا- وكل لفتة وكل جهد- يترك أثرًا إيجابيًّا في الحبيب، ويدعم العلاقة نحو الاستمرار، فليس هناك أجمل من أن يقول لك أحدهم: شكرًا؛ لأنك فعلت ذلك من أجلي، أو يقول: برافو أو أحسنت جهد

لا يمكن أن تُقَدِّر حبيبك دون أن تعترف بجهوده وما يفعله

أن تحترم الشريك يعني أن تعترف بحدوده، وأحلامه، حتى مخاوفه. وكما قال إيمانويل كانت: «الاحترام هو الاعتراف بالإنسانية في الآخر».

التقدير بين الحبيبيْن اعتراف ضمنيٌّ بقيمة الآخر، ورؤية ما وراء الكلمات والصفات الظاهرة إنه تلك اللحظة التي تشعر فيها أنك مرئيٌّ ومفهوم تمامًا، دون الحاجة إلى التفسير أو الدفاع عن نفسك وكما يقول باولو كويلو: «أن تُحب يعني أن تُقَدِّرَ

الوقوع في الحب يتطلب الشجاعة، أمَّا استمرار الحب فيتطلب الصبر، والقدرة على التوازن بين العاطفة التي تُلهب القلوب والعقل الذي يُرشدها.

الدكتورة سعاد صالح في كتابها «الحب والعلاقات الإنسانية» أن «الحب المتوازن يشبه الطائر الذي يحتاج إلى جناحين للتحليق: جناح العاطفة، وجناح العقل».

الدكتور محمد المهديّ في كتابه «علم النفس العاطفيّ»، حيث أشار إلى أنَّ: «تجاهل الإشارات التحذيرية المبكرة في العلاقة يشبه تجاهل ألم الأسنان؛ سيزداد سوءًا مع الوقت»،

نزار قباني في ديوانه «قصائد»: «الحب كالطفل، يولد زاحفًا، ثم يحبو، ثم يمشي، وأخيرًا يركض نحو قدَره».