اقتباسات إنعام كجه جي

هم فائضون في هذه الدنيا. مسجَّلون في خانة الزوال. لا أحد يهتمُّ لمصائرهم ولا يقلقه أنهم يخبطون في الظلام منذ عشر سنوات.

لن أسمح لأحد، كائنًا من كان، بأن يلوِّث شَرَفي بعد الآن… شَرَفي الذي قايضتُه بالرجولة.

أمَّا أنا فقد أصابتني الأحداث بالخرس المعنوي، رغم زعمي أنَّني كنت أرى الطوفان وهو آتٍ، وأصبحتُ مثل فتى مُصاب بمرض التوحُّد، أتقوقعُ على نفسي وألوذ بهواجسي وأرى الآخرين يتحركون ويتحادثون وكأنَّهم يتحركون وراء زجاج عازل ويتحدثون فلا تصلني أصواتهم.

اسمعوا منِّي… ملعون… ألف ملعون أبو السياسة التي تجعل الأخ وحشًا ينهش لحم أخيه.

وحاذيت السرَّ الذي يُحيل ممارسة الحبِّ تمرينًا على فعل الخلق. ومعها بلغت ضفاف بحيرات لم أتيقَّن يومًا أنَّها كامنة في خبايا جسدي. جسدي الغشيم الذي توهَّمت، من قبل، أنني استكشفته كهفًا كهفًا وخبرت مجاهله وشلالاته ومياهه الجوفية.

وكنت أذهب في الصباحات الباردة إلى مقهى «كلوني» في بولفار السان ميشيل، وأصعد إلى الطابق العلوي، مأوى المتأدبين و«أصحاب اللوثات الفكرية» كما يسمِّيهم زمزم، وأجلس بالساعات متمخِّضًا كي أَلِدَ صفحتين أو ثلاثًا،

غير أن ارتياحي المبكِّر لغياب سوزان انكشف عن فراغ ذي مخرز يَخِزُني في أماكن موجعة من جسدي.

تحرث الغربة ألسنتنا المزروعة باللغة الأم وتشتل فيها لغات جديدة نجاهد لكي نتفوَّه بها.

لم يردَّني حليبي إلى بغداد.

‫ سلختني منها الكارثة وأعادتني إليها الكارثة.

الـملاحم ليست بلاغة ولا إنشاء

كبرت ولم أتعلم أن الحب ليس نخلة معمّرة. لن يأكلوا مما زرعنا.

لم يبق في العمر متسّع سوى لحرفين يأتلفان على شبهة الحب.

وكيف يعيش إنسان لا يعرف الرهبة؟ كيف يسير؟ كيف يتكلم؟ كيف يضحك؟ كيف يحب؟

قصة عهود وحدود لخصت أوجاع أهل العراق:

❞ فحواجز التفتيش هنا يحكمها أجانب. مرتزقة شقر زرق العيون لا يفقهون العربية. ترافقهم كلاب شرسة تفهم لغتهم. أي وطن هذا الذي تدخله بالقاموس؟ ❝

❞ أخذتني السنين عشرات المرات إلى المطارات وإلى الحدود، وعادت بي منها. في كل مرّة أعاهد نفسي أنها الأخيرة. مواطنة خائفة كذوب تنقض عهودها. ❝

مرايانا شواهد من خشب وزجاج تعيش معنا. تأخذ منّا وتعطينا. وهي قد تتشكّل على صورتنا. تشهد صولاتنا وخيباتنا وتؤازرنا وتواسينا مثل رفيقة وفيّة

«هل يحتاج الجمال إلى ترجمان؟».

‫ ـ برأيك، ما أجمل الأصوات في الطبيعة؟

‫ ـ السكون. حيث لا صوت آخر.

ورحت أتابع الحركة الدائبة على الأرصفة. أتساءل: هل بين هؤلاء إنسان لا يخاف ألبتة؟ وكيف يعيش إنسان لا يعرف الرهبة؟ كيف يسير؟ كيف يتكلم؟ كيف يضحك؟ كيف يحب؟

‫ صوت هوارية يأخذني إلى تتمة الحكاية. يقودني إلى طرف يخصني منها لأكتشف أن قصتي ليست ملكي. تتناسل تجارب البشر وتتشابه. جيرة تقارب بين المتباعدين وتغلق القوسين.

أعرف نفسي في مواقف هزيمتي. أرفع علامة المنتصر وأنا أمسح دمعتي بردني.