اقتباسات أحمد الفخراني

فوفقًا لما تربي عليه، فهو لا يعرف من الدنيا سوى الشقاء والكدح كوسيلة لبلوغ كل مرمى وهدف، رغم ذلك آمن أن كسله هو سر شقائه وفشله، دائمًا هناك شيء ما لم يبذله ولم يعرف أبدًا ما هو،

لقد أدرك بفطرته حينها أول دروسه في التقمص: تلك هي الدنيا، سيكون كما أرادت، سيربط عقاله أينما حلت وفي أي صورة كانت، إن كانت تربة خصبة سيكون شجرة، وإن كانت خراء سيصير كنيفًا.

كنت اتمنى لو كنت اخرج من قوقعتي المظلمه.

لقد اصطادهم عبر ما يعرفه عنهم عن يقين: نرجسية لن تفوت الفرصة من أجل تعزيز رواية متوهمة عن أنفسهم.

حاول أن يقبض على الكراهية، لكنها تبخرت، فقلب كهذا لم يكن معدًّا حينها ليتحمل وطأتها. قلبه الخاوي من القدرة على الكراهية، كان أكثر شيء مفزعًا واجهه

لكن لا شيء سوى العفونة والهشاشة. وهو الأمر الذي يعمل الجميع على إخفائه، بادعاء الحركة، بالشراسة والعنف، التشبث بأمل تحويل أكثر المعارك تفاهة ورخصًا إلى ملاحم قد تطول لسنوات وهو ما ينتهي بالفشل

لكن الحب هو الحب، لا يغادرنا مهما تنكرنا له

لكن أليست الحكايات، كل الحكايات، هي عزاء طويل لفشل الإنسانية الممتد والعميق؟

لكن ما نهرب منه يسعى حثيثًا إلينا ويتنكر وعيده كبشارة.

فالكره كالحب؛ يولد لأشياء تافهة ومن لا شيء، بل ومن الحب نفسه، كما يولد الفطر في الرغيف، لا يحتاج أبدًا لشيء عميق أو جارح كي يبدأ، ولا ينتظر معركة ليُباغتك، بل يسكن الضحكات، اليقين المُسالم، يُظلل الجلسات الصافية على المقاهي،

فالكلمات وحدها بإمكانها أن تحيل كل ما هو مهيب إلى شيء عادي يمكن اختبار حدوده ومناطق ضعفه

.

خخخ

وحدهم الحمقى والروائيون السيئون لحيواتهم أو لما يألفونه من كتب، يهملون تفاصيل صغيرة كتلك.

‫ استيقظ على رنين الهاتف، اتصالات ما بعد منتصف الليل لا تحمل إلا أخبارا سيئة،

النقود لا تسقط من السماء ولا تورق فوق أغصان الشجر.

لم آتِ إلى هنا إلا بحثا عن نسيان كامل ونهائي، كأني لم أكن، كأني لم ألمس أحدا، أو أخطو على الأرض، كأني لم أتعرض أو آتِ بالأذى، لم أنطق بالسوء ولم أفسد قرابيني إلى الحياة كأني لم أكره أو أحب، لم أختر ولم أُختَر، عازما على ألا أفعل شيئا، ألا أصنع تاريخا جديدا، حُبا، صداقات، أعداء ألا أدخل معارك، ألا أنافس أحدا، ألا أطمح لشيء، أن تمحى مني الرغبات والشهوات، أن أرى كل ما قاتلت من أجله تافها وبائسا، لم يستحق الثقل أو الخفة، الصد أو الهجران، أن أكون نسيا منسيا، وهو أمر إن كان يفوح في بدايته برائحة الموت،

فلكي يُمحى الألم لا يكفي أن تنسى، بل أن تُنسى، فالثقل الأكبر لا يأتي من ذاكرتك، بل من تذكُّر الآخرين لك.

فنحن نسكن صدور أعدائنا أفضل مما نسكن صدور مُحبينا، نخشى على صورهم من التحطم فندخر لها أفضل البراويز، نضعها في أفضل الأركان، من نكرههم ويكرهوننا هم أوسمتنا السرية ونجومنا في صحراء شاسعة من التيه

فلكي يُمحى الألم لا يكفي أن تنسى، بل أن تُنسى، فالثقل الأكبر لا يأتي من ذاكرتك، بل من تذكُّر الآخرين لك.