اقتباسات وديع سعادة

العابرون سريعًا جميلون. لا يقيمون في مكان كي يتركوا فيه بشاعة. لا يبقون وقتًا يكفي لترك بقعة في ذاكرة المقيمين.‏

وإنْ أردتَ رفيقاً، فأيُّ رفيق أعزُّ من وحدتك؟‏

لا تلفظِ الكلمة الأخيرة، لا تقلْ الكلمة التي في آخر الطريق. قد يسمعها أحد في أوَّل الطريق ولا يعود يمشي.‏

أريد قدماً لهذا القلب. هذا القلب يريد أن يرقص مع الشجر.‏

يافطات كثيرة على الطرقات‏

‫‏يافطات تدلُّ إلى مدن‏

‫‏يافطات تدلُّ إلى شوارع‏

‫‏يافطات تدلُّ إلى مصانع، إلى مؤسسات، إلى دكاكين، إلى بيوت…‏

‫‏يافطات كثيرة ملأى بأسماء‏

‫‏ويمشي‏

‫‏باحثاً عن يافطة‏

‫‏فارغة.‏

الذين ألِفناهم شجرًا باسقاً‏

‫‏صاروا قشًّا حين حزنوا‏

‫‏ونزلت العصافيرُ ورفعتهم‏

‫‏بمناقيدِها.‏

كانت راحتاها ورقتيْن‏

‫‏عيناها زهرتيْن‏

‫‏وحينَ تمرُّ في الحيِّ تفوحُ‏

‫‏كلُّ الحقولِ من ثيابِها.‏

على رؤوس أصابعي قطيعٌ غريب‏

‫‏لا يعود من البراري.‏

‫‏ها هي الطريقُ تنكسر كعودٍ يابس‏

‫‏وعلى أعلى جبال القلب‏

‫‏تجمع الخرافُ البيضاءُ نفسَها‏

‫‏وتعود إلى الحظيرة. ‏

‫‏يجب أن يكون هناك طريقٌ آخر‏

‫‏الأصواتُ أقفاص. ‏

ماذا تقول للمارّة كي تخطفَ مرفأ؟‏

جميل

المنتحر يهب الموت معنى. ويدحره/ يترك لطختين، واحدة على وجه الحياة وأخرى على وجه الموت، يترك آثار سيادة.

وهل هناك سيادة غير هذه؟

لكن السيادة ليست مطلب المنتحرين. المحو مطلبهم. محو سيادة الحياة وسيادة الموت. سيادة من جاء بهم وسيادة من يذهب بهم. سيادة الآخر وسيادة الذات.

لا ترمِ شيئاً

قد يكون ما ترميه

قلبك.

الذين جرفتهم المياه إلى الوادي

ارتفعوا غيومًا،

لم يمطروا

وقفوا فوق

نظروا إلى الأرض

وتبدَّدوا.

شجرٌ أحاول الآن بقليل من الحطب إحياء ذكراه

ذكرى طير ملوَّن حطَّ على غصن أمامي وطار

ذكرى سُحْلية على صخرة ليتني استلقيتُ قربها قليلاً

ذكرى ثمار حسبتُها أفئدةً

وأفئدةٍ حسبتُها ثماراً وقطفتُها

وإلى الآن لا أعرف ماذا أفعل

بدم تلك الغصون.

النائم على الرصيف يفتح عينيه بين وقت وآخر

يحدّق بي

ويتمتم: ألا تعرفني؟

ألستَ أنا حين كنتُ أمشي؟

ألم نعبر الأرض معاً؟ مرَّات على الأقدام ومرَّات في سهونا عن الأرض؟

ألم نغرق في النهر معاً؟

والنمال التي كانت على الدروب، كم مرَّة رفعتْ أقدامَنا عن الأرض وغيَّرتْ وُجهاتنا؟